Skip to content

الإمارات الأسعد

في يوم الحصاد يكتمل الفرح أو يكاد، ويشعر كل مواطن بالإنجاز والقطاف، فالإمارات تحقق المراكز الأولى في كل مجال. وها هي تحقق المركز الأول عربياً في السعادة والرفاه. مواطن الإمارات هو الأسعد، وذلك نتاج شغل دؤوب للقيادة والحكومة والشعب. من هنا تهنئة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”. المنجز مشترك. لكن محمد بن راشد يرد الإنجاز إلى دعم ومتابعة خليفة، والكل قد عمل. وعمل كثيراً من أجل الإمارات العربية المتحدة. الكل اشتغل وضحّى، ولنتذكر دائماً، وحكومتنا، عادة، لا تنام، الجنود المجهولين العاملين في صمت، ومواصلي الليل بالنهار، نحو تحقيق نتائج عربية وعالمية مثل هذه.

الإمارات الأولى في تحقيق السعادة، والمعنى عميق، فمواطن الإمارات يعانق الفرح، وينام سعيداً ويصحو سعيداً. معناه أنه مطمئن على نفسه وعلى بيته وأولاده، ومطمئن على أرضه ووطنه، أنه يعيش وجوه التنمية والتقدم، يلاحظ ويسهم ويسعد. ويكتسب المزيد من الثقة.

وما كان ذلك ليحدث لولا تضافر الجهود من القيادة العليا إلى كل عنصر في الحكومة، وإلى كل موظف كبير أو صغير. الأسرة المواطنة لها دورها العظيم: الآباء والأمهات وأولياء الأمور، والمجتمع بكل فئاته وأطيافه.

إن الإمارات التي تستقطب اليوم أكثر من مئتي جنسية عالمية تنفتح على الآخر، وتحقق عبر سلوكها المتميز عنوان التسامح والاعتدال والانفتاح على الآخر، وتذهب بعيداً في أشواط التنمية والاقتصاد والثقافة، وتحقق في الوقت نفسه، عبر عمل مؤسسي، هويتها الوطنية.

الإمارات تستحق التهنئة، وقيادة الإمارات قطعاً تستحق.

الإمارات تستحق التهنئة، وقيادة الإمارات قطعاً تستحق.

بين الإدارة والقيادة

لا يستطيع منصفٌ إلا أن يؤكد أنّ دولتنا قد جعلت من التنمية البشرية هدفاً أسمى، بوضوح رؤية وإيمان ودأب تحدث عنها القاصي قبل الداني، ومن هنا تعددت وجهات النظر حول القيادة والمهارات التي يجب أن تتوافر في من يضطلع بدور قيادي في أية مؤسسة.

ورغم أنني من الذين يؤمنون بأن المهارات القيادية يمكن تعلمها، ومن الجائز أن يطور الإنسان مهارته التي وهبه الله إياها، في الاتجاه الصحيح ليتمكن من توجيه فريق من الناس لتحقيق هدف معين، إلا أنني في ذات الوقت من المؤمنين بأن القادة المؤثرين في أي مؤسسة أو دائرة، هم عملة نادرة أو هم هبة من الله يمنحها لبعض من الناس لتحمل تبعات قد لا يقدر عليها غيرهم، سواء من الناحية النفسية أو الطاقة البدنية، والاختلاف والتمايز بين البشر هو قانون كوني، واختلاف القدرات بين الناس هو كذلك نظام؛ أراد الله به أن تتوزع أدوار الناس لينضبط الكون، فكل ميسر لما خلق له كل على قدر طاقته، وإلا لو أن كل البشر أصبحوا قادة فمن سيقودون إذا؟

وإذا نظرت حولك لتقرأ سير الناس وميولهم، ستجد أن القيادة الحقيقية قد يجد الفرد فيها نفسه، وقد تكون دون إرادة منه أو رغبة فيها، وهي ليست وليدة المصادفة ولكن جانباً كبيراً منها جاء معه إلى الدنيا، تجده بين إخوانه وأخواته في أسرته الصغيرة، هو المركز وهو من يستشيره باقي أفراد أسرته في شؤونهم، ويلجؤون إليه في الملمات ووقت الكرب والشدة وعند الرغبة في اتخاذ القرار. وهو من يبادر قبل أن يطلب منه، كما أنه المهموم دوماً بشؤون الآخرين، مندفعا إليهم للمساعدة دون تطفل، كما أنك تجده القادر على العطاء بنفسية عالية دون مَنٍّ أو انتظار رد.

انظر حولك سوف تجد أن الله سبحانه وتعالى قد حبى كل أسرة بنفر قليل من هؤلاء دون باقي الأفراد، في حين تجد غيرهم يستهلكهم الشأن الشخصي، ويستمتعون بقيادة غيرهم لها، وينزعجون غاية الانزعاج إذا طلب منهم أن يتصدروا لأخذ قرارات مصيرية. هؤلاء النبت الطيب بهذه الصفات القدرية ـ في جانب كبير منها في أغلبهم ـ هم الذين يتولون القيادة في المؤسسات التي ينتسبون إليها، أو ما يديرونه من مشروعات وما يحملونه من مهام، ويتميزون فيها كذلك.

ولا شك أن الإدارة تختلف عن القيادة، فالمدير الناجح يكتفي بتنفيذ التعليمات بدقة وحذق، ويرضى كل الرضى بذلك، ويمكن الاعتماد عليه دائماً في ذلك، أما القائد فهو صاحب رؤية ومقتحم، ولديه حس يستطيع أن يرى به ما لا يراه الآخرون، وقد يتنبأ بفرص للنجاح يعجز عنها الآخرون، كما أنه قادر على اتخاذ قرارات تتطلب قدراً من المغامرة المحسوبة، يتراجع عنها غيره.

ورغم أنه بشر يصيب ويخطئ، إلا أن ندمه دائماً ندم إيجابي وليس ندماً سلبياً. فالندم الإيجابي هو الذي يحدث عندما يقدم الفرد على اتخاذ قرار قد يكون خاطئا، أما الندم السلبي فهو الندم على عدم اتخاذ قرار بعينه أو ترك فرصة للنجاح لم يتم اقتناصها، وفرق كبير بين الاثنين.

لذا فإن القائد هو من يملك شجاعة تحمل مسؤولية اتخاذ قرارات مصيرية، قد تؤثر على مستقبل المؤسسة في حالة فشلها، وقد تكون نقلة غير مسبوقة وتحدث تطوراً يجعلها في المقدمة إذا نجحت. وهذا ما يبعد عنه الكثيرين، إيثاراً للسلامة وخوفاً من القادم وخنوعاً لما هم فيه؛ فالمغامرة المحسوبة جزء أصيل من شخصية القائد.

القائد الحق لأية مؤسسة، هو من يبحث دائماً عن التحدي لتحقيق أهداف قد يرى آخرون أنها ضرب من الخيال، بينما يرى هو أنها ممكنة التحقيق، وهو لا يرضى بمجرد تحقيق الهدف وفقط، بل يسعى لتحقيق الأهداف بكثير من التميز.

القائد عندي هو من لا يتحدث كثيراً عن إنجازاته السابقة وفقط، ولكنه فور أن ينتهي من تحقيق هدف أو مرحلة من النجاح يتطلع لتحقيق غيرها، يعيش في معركة نجاح مستمرة، وهو في هذا لا يقيس نفسه وإنجازاته بما يحيط به من مؤسسات أخرى، ولكنه في تحدٍّ مع ذاته أولاً.

القائد الحقيقي هو من يوقن بأن لدى العاملين معه ـ وليس لديه ـ طاقات يمكن تفجيرها إذا أحسن استخدام مفاتيح شخصياتهم، ويوقن كذلك بأن كل عمل يوكل لأي فرد من المحيطين به، هو عمل كبير في قيمته مهما كان بسيطاً، وأن لدى الأفراد مهما كانت درجاتهم الوظيفية، أفكاراً يجب تقديرها والاستفادة منها.

لذا فإن القائد هو من يستمع أكثر مما يتحدث، ولا يتحدث إلا بعد أن ينصت لكافة وجهات النظر دون تمييز، ويعلي مصلحة المؤسسة مها كانت قبل أن يتحيز لرأي معين، ولا يتخذ قرارات قبل أن يستشير المحيطين به، وقراراته لا تكون بالضرورة اختياراً من بدائل مطروحة أمامه، بل قد تكون مخالفة لما هو مطروح ما دامت تدعمها الحجة وقوة المنطق، وفي الوقت ذاته يملك شجاعة التراجع عن رأي أخذه ليست فيه مصلحة أو سيؤدي إلى نتائج غير طيبة للمؤسسة.

القائد الحقيقي يملك شجاعة الاعتذار إن أخطأ، فهو ليس معصوماً، وإنما هو في النهاية إنسان يخطئ ويصيب. وهذا الاعتراف عند الخطأ، من أهم مؤهلات النجاح، وهو جدار الثقة الذي يعلو يوما بعد يوم بينه وبين فريق عمله.

القائد الحقيقي لا تقتصر علاقته بالعاملين معه على بيئة العمل، بما فيها من أوامر ونواهٍ، وليس في فمه غير كلمتي: افعل ولا تفعل.. ولكن هو من يدرك أن المحيطين به بشر يفرحون أحياناً ويحزنون أخرى، لذا فهو الحريص على مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، والبعد الإنساني حاضر في تعاملاته دائماً.

القائد الحقيقي لأية مؤسسة، هو من يقرب منه أصحاب الحكمة مهما كان اختلافه معهم، ولا يفضل أهل الثقة على أهل الخبرة، كما يدرك أن جزءاً أصيلاً من مهامه، هو صناعة قادة مؤهلين لتحمل المسؤولية من بعده، لتستمر مسيرة النجاح.

ورغم ذلك كله، أقول إن المهارات القيادية يمكن اكتسابها وتعلمها عبر تراكم الخبرات، فتلك المهارات ليست أمراً معجزاً.. فالكثير منا يستطيع أن يكتسب المهارات القيادية، ولكن قلة يصلون فيها إلى مرحلة الإبداع.

 

ملاحظة: المقالة منشورة في “جريدة البيان”

بقلم: د. خالد الخاجة , عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية ــ جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

حكمة القيادة واستشراف المستقبل

قيادتنا الرشيدة تملك مخزوناً من الحكمة الصافية.. وبُعد النظر.. والقدرة على استشراف المستقبل.. ما يجعل من “الحديث” الأبويّ الذي توجّه به صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، امتداداً للإشراقات الفكريّة التي عوّدنا عليها المغفور له بإذن الله تعالى الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يرحمه الله تعالى.

إن كلمة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، التي وجهها للشباب تُعدّ “إطاراً فكريّاً” وموجّهاً صادقاً من موجهات العمل الذي يصبّ في مصلحة الوطن والمواطن، و”كنزاً” من الحكمة التي يوجهها سموّه إلى قلوب أبنائه من شباب هذا الوطن الغالي.

مسؤوليّتنا كبيرة في استخلاص الدروس والعبر من “محتوى” الكلمة الثمينة لصاحب السموّ حاكم الشارقة، ودور كبير تتحمّله جميع المؤسّسات العاملة في الدولة في التوعية والتثقيف، مع ضرورة عدم اقتصار هذا الدور على المؤسّسات التعليميّة والتربويّة والثقافيّة، لأنّ هذه المسؤوليّة مسؤوليّة وطنيّة جماعيّة تفرض على جميع المسؤولين التعامل معها بمنتهى الجديّة والاهتمام.

شباب اليوم بحاجة فعليّة وتوعية مستمرّة ينبغي أن تبدأ من البيت، وتتواصل في المدرسة والجامعة، وفي كافة المراحل التي يمرّ بها شبابنا، تحصيناً لهم وحماية لأرواحهم من الوقوع أسيرةً بين “مطرقة” الإعلام المغرض برسائله التي تدسّ السمّ في الدسم، وبين “سندان” الأجندات الخارجيّة التي تحاول استخدام شبابنا لخدمة أهدافها.

ملاحظة: نُشرت هذه المقالة في جريدة “االخليج”، ص 9، العدد 11998، بتاريخ 25/مارس/ 2012

 

بقلم: سعادة الدكتور المهندس/ علي محمد الخوري, مدير عام الهيئة

"الله يديم عزّ شيوخنا"

“الله يديم عزّ شيوخنا”.  كلمات عفويّة من القلب!
قلب مواطن ينبض عشقاً وحبّاً لكلّ حبّة تراب من ثرى وطنه الطاهر..  قلب مواطن يفيضُ انتماءً.. ووفاءً.. وإخلاصاً لقيادته الرشيدة.
***
كلمات يكتبها القلب بديلاً عن القلم.. القلم العاجز هذه اللحظات عن التعبير بصدق عمّا يسكن أعمق أعماقنا..  من مشاعر متداخلة..
وأحاسيس متباينة.. وعواطف جيّاشة تنساب كماء نهر صافٍ تُسيّج ضفّتيه مشاهد وصور لن تبرح القلب.. والعقل.. والذاكرة.. والوجدان .
***
لم يكن لقاءً رسميّاً ذاك الذي جمعنا مع سيّدي سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربيّة، في قصر سموّه العامر في ليوا.
كان لقاء الأب بواحد من أبنائه القريبين جداً من القلب.  كان لقاء الأخ بإخوة له يقاسمهم الحلم.. والحبّ.. والفرح.. والأمل.. والوعد..
كان لقاء المُحبّ بمن يُحبّ.. وهل من هو أكثر حبّاً من “إبن الإمارات” بقادته وشيوخه وتيجان القلب والرأس.
***
سيّدي سموّ الشيخ حمدان:
الكلمات التي تخرج من القلب وحدها التي تلامس القلب والعقل والوجدان..  هكذا تعلمنا.. وهكذا قرأنا.. وفرق هائل سيّدي بين أن تقرأ وبين أن تشاهد.. بين أن تتعلّم وبين أن تمارس..
كلمات سموّكم الصافية والصادقة.. سيّدي..  من لحظة لقائنا بكم..  وحتى مغادرتنا قصركم العامر عائدين إلى عاصمة القلب “أبوظبي”.. هي التعبير الأصدق عن الكلمات التي تخرج من القلب.. وهي التجسيد الأمثل لروعة العلاقة التي تربط القائد الحقيقي بأبناء شعبه ووطنه.
***
سيّدي:
لن ننسى ما حيينا.. استقبالكم الدافىء.. وابتسامتكم الحانية.. وطيبتكم الآسرة.. ومحبّتكم النابعة من ” قلب من ذهب”..
ولن ننسى أبداً.. لهفة القائد الحقيقيّ.. التي رأيناها في عينيّ سموّكم.. وحرصكم على الإصغاء لنبض المواطن.. أيّاً كان موقعه.. والتفاعل مع احتياجاته.. والتوجيه نحو تلبيتها.
***
كلماتكم.. سيّدي.. هي “البوصلة” التي نُدرك من خلالها حجم محبّتنا لهذا الوطن الغالي والنفيس..  الوطن الراسخ في أقاصي القلب..  الوطن الرائع.. والعذب.. والجميل.
حديث سموّكم.. حُزمة  ضوء تنير الطريق.. وهو الرؤية التي تُسهم في تفجير الطاقات والإمكانات..  كي نخدم وطناً غالياً نحرسه برموش العين..  وطناً رائع الجمال والعطاء والبهاء.
***
حديث سموّكم.. سيّدي..  يُجدّد في أرواحنا جذوة الحماس.. ويوقظ في نفوسنا شعلة العطاء..
حديث استثنائيّ يُذكّرنا على الدوام أنّ الوطن هو الهدف.. وهو الغاية..  وأنّ “الإمارات” هي حاضرنا.. ومستقبلنا..  وهي يومنا.. وغدنا.. وهي “الأمانة” الغالية التي نحملها في صدورنا..  ونحفظها في قلوبنا..  ونصونها في حدقات عيوننا.
***
سيّدي سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيّان: هل نقول شكراً؟!
وماذا بمقدور هذه الكلمة العاجزة.. سيّدي.. أن تفعل أمام “الدروس والعبر” التي خرجنا بها من مجلس سموّكم العامر؟ في كلّ كلمة درس.. وفي كلّ جملة حكمة.. وفي كلّ نصيحة كنز.
سيّدي: جزاكم الله كلّ خير..  ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم عليكم نعمة الصحة والعافية.. وأن يوفقكم المولى عزّ وجلّ لكلّ ما يُحبّ ويرضى.

الدكتور المهندس/ علي محمد الخوري, مدير عام هيئة الإمارات للهويّة

هكذا هم

إخواني، أخواتي، متوجه الآن لاجتماع مجلس الوزراء، أشعر بطاقة إيجابية كبيرة تسري في آفاق دولة الإمارات، طاقة يملؤها الحب، والعطاء والعمل.

أطلب من الجميع بدون استثناء توجيه طاقاتنا لبناء مستقبل يحمل الخير لنا، ولأبنائنا، ولأسرنا، ونسأل الله أن يوفقنا في مساعينا من أجل رفعة الإمارات.

هذه الكلمات أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وهو في طريقه إلى اجتماع مجلس الوزراء أمس، عبر حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي التويتر، فكانتا خير تغريدتين لأبناء الوطن وهم يتابعون رئيس مجلس الوزراء وكيف هي معنوياته، وما هي رسائله ودعواته، ومن التغريدتين تيقنت شخصياً من حجم المكاسب والنتائج الإيجابية والخير الذي يمكن أن يتمخض عنه الاجتماع، من هذه الرسالة أدركت حجم العمل والجهد الذي يبذله المجلس، لخدمة الوطن والمواطن، الذي هو نصب أعين القيادة والهدف الرئيس من كل جهد، أو عمل، فالوطن والمواطن هما الغاية وهما الهدف.

نعم يجب أن نستشعر جميعاً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا للحفاظ على الوطن وصون مكتسباته، وتعزيز قدراته وإنجازاته، ومواصلة عملية البناء والتنمية الشاملة، التي تسير عليها الدولة بطريقة أبهرت العالم، ومواصلة مسلسل النجاح وإضافة مشاهد جديدة من الإبداع والتألق الذي يضاف لرصيد الدولة، وهو الهدف الذي تسعى من أجله القيادة دائماً وأبداً.

لا يظن أحد أن ما يتحقق على أرض الوطن، وما تنجزه الحكومة، أو القيادة الرشيدة من مكاسب وإنجازات هو شأنها وحدها، وأن عملية بناء وطن شامخ بين الأمم هي مسؤولية القيادة والحكومة وحدها فحسب، فالمواطن معني بشكل مباشر بما يتحقق على أرض الإمارات من مكتسبات وسمعة وإنجازات ومكانة دولية مرموقة نتباهى بها اليوم بين الأمم والشعوب، فمسؤوليتنا جميعاً المساهمة بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة وإصرار لكسب غمار التحدي الذي تخوضه الدولة.

بسواعد أبناء الوطن يقوم البناء التنموي، وتدور عجلة التنمية الشاملة التي تسير عليها الدولة منذ قيام الاتحاد، فكانت ولاتزال مثالاً ونموذجاً يحتذى به في شتى حقول ومناشط ومجالات الحياة، وهي حصيلة وغلة ثمينة لابد من الحفاظ عليها، وتعزيزها بالعمل بجد وإخلاص، وعلينا أن نجعل من رسالة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتوجيه طاقاتنا لبناء مستقبل يحمل الخير لنا، ولأبنائنا، ولأسرنا، من أجل رفعة الإمارات، نبراساً نهتدي به وينير طريق الخير والعمل والفلاح والنجاح والتقدم الذي نصبو إليه.

فبالعمل والإخلاص والتفاني تتحقق الطموحات التي لا سقف لها في الإمارات التي عشقت خوض غمار كل معركة بناء وإنجاز وتحد يحقق الرفعة للوطن والمجد لأبنائه، هذا الحب غرسته فينا القيادة الرشيدة التي لا ترضى بغير الصدارة، والرقم واحد الذي هو الهدف الأول والأخير لخدمة وطننا، وسعياً لمزيد من الإنجازات والنجاحات والفخر لوطننا الغالي الإمارات، فإذا كانت هذه هي طموحات المجلس وقيادته، فبلاشك أنها ستقود إماراتنا الحبيبة إلى العلا والتقدم.

 

بقلم: محمد عيسى, صحيفة الاتحاد

حكامنا بشر مثلنا..

كان ذلك في بداية السبعينات، دأب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على التجول في المدينة، وتفقد أحوال المواطنين، براً وجواً، كما رأينا في لقطات مصورة بثها، أمس، المكتب الإعلامي عبر القناة الخاصة بالشيخ محمد على “يوتيوب”، يظهر فيها سموه متجولاً بطائرة مروحية يقودها بنفسه في أنحاء الإمارة.

لم يكن حينها حاكماً، كما لم يكن ولياً للعهد، بل كان وزيراً للدفاع، لكنه كان يتلمس احتياجات الناس، وكان قريباً جداً منهم، ولا يزال كذلك، لم تغيره المناصب، لأن ما يفعله نابع من قناعة ذاتية، وليس فعلاً مصطنعاً لهدف دعائي أو أهداف أخرى.

تعمدت أن أبدأ مقالتي بالفترة الزمنية التي ظهر من خلالها سموه وهو يتفقد أحوال مواطنين في منطقة صحراوية، يبدو أنها نائية بمقاييس ذلك الزمان، فلم تكن حينها المنظمات المعنية بحقوق الإنسان تعرف شيئاً عن هذه المنطقة، وهذا الجزء من العالم، ولم يكن هناك ربيع أو خريف أو شتاء عربي أو غير عربي، كما لم تكن هناك مواقع تواصل اجتماعي، “تويتر” لم يكن حاضراً، و”فيس بوك” لم يصنع بعد، لم يكن هناك سوى حكام يحبون شعبهم، وشعب مخلص لأرضه وحكامه.

الجولات الميدانية وسياسة الباب المفتوح، هما الركيزتان الأساسيتان، واختلاط الحاكم بالشعب هو الميزة التي تربى عليها ذلك الجيل، ومحمد بن راشد كان ولا يزال يمارس سياسة أبيه وأجداده في التواصل مع الناس، وتفهم احتياجاتهم، والنزول إليهم، والتجول بين بيوتهم لتلبية مطالبهم، وصلهم بالطائرة في أماكنهم الوعرة في السبعينات، ولا يزال يصلهم بسيارته وحيداً في أحيان كثيرة، رأيناه في هذا الفيلم المصور يتبادل الحديث مع مسن ويشرب معه القهوة، ورأيناه قبل سنوات مع ذلك “الشايب” يجلس معه على أرض خالية من أي فراش، سأل ذاك المسن عن حاجته قبل 40 عاماً، وبنى لهذا المسن بيتاً جديداً مؤثثاً قبل سنوات قليلة، وما بين هذا وذاك، آلاف وآلاف من الناس، وآلاف وآلاف من قضاء الحاجات، لم يفعل ذلك رياءً ولا طلباً لشهرة أو مجد، بل لأنه حاكم يؤدي مسؤوليات وواجبات الحكم، ويعطي الناس حقوقهم التي كفلتها لهم الدولة.

لم يكن مطلعاً على الغيب، كما لم يكن زايد كذلك، لكنهما صاحبا رؤية وفكر، فزايد لم يسمع كلام الخبراء الذين حذّروه من زراعة الصحراء، قبل أن يندهشوا لاحقاً من أنواع الثمار والأشجار التي نبتت في أنحاء أبوظبي، ومحمد بن راشد كان يتفقد بالطائرة مناطق خالية موحلة، لكنه كان مدركاً أن هذه الأرض ستتحول يوماً إلى ما مشروعات عملاقة، تنقل دبي من مدينة صغيرة غير معروفة إلى مدينة راقية تنافس أكبر مدن العالم، وتتفوق عليها أيضاً.

وبكل تأكيد فحكامنا أيضاً ليسوا ملائكة، ولا هم آلهة، بل هم بشر مثلنا، هذه ميزتهم الحقيقية التي يفتقدها كثيرون، إنهم بشر يتجولون بيننا، ويتفقدون أحوال الناس، يجلسون في مجالس المواطنين، ويأكلون طعامهم، يفرحون معهم، ويحزنون معهم، ويدركون أيضاً أن هناك متغيرات ونواقص، ويعملون على استكمالها، وهذا هو الفرق.

 

بقلم: سامي الريامي, صحيفة الإمارات اليوم

الحكومة الإلكترونية

في تقرير “منظمة الأمم المتحدة” عن “الحكومة الإلكترونية 2012” احتلّت دولة الإمارات المرتبة الثامنة والعشرين عالمياً والأولى عربياً، وفقاً لمؤشر “تطور الحكومة الإلكترونية”، محققةً بذلك تقدماً عن موقعها في تقرير العام الماضي بمقدار 21 مركزاً، وهو تقدم كبير يمكن وصفه بـ”الاستثنائي”، ويعبر عن مدى التطور الذي تشهده الدولة في ما يتعلق بمستوى خدمات الحكومة الإلكترونية خلال الاثني عشر شهراً الماضية، وأن المؤسسات الحكومية استطاعت أن تطور خدماتها بشكل كبير من حيث الكم والكيف، وتوسعت في استخدام الأدوات الإلكترونية في الوصول بخدماتها إلى المواطنين، وأنها وصلت في ذلك إلى مستوى من الكفاءة والشفافية والأمان حتى باتت موضع ثقة المتعاملين على اختلاف فئاتهم.

إن التقدم الذي أدركته دولة الإمارات في هذا الصدد ساعدها على أن تأتي في المرتبة الثامنة بين أكثر الدول الناشئة تقدماً في مجال الحكومة الإلكترونية، وهو موقع متميز أيضاً كونه يعكس تفوق الدولة بين مجموعة الاقتصادات الناشئة التي تشهد أكثر معدلات التنمية ارتفاعاً في الوقت الحالي، ومجموعة من الدول تصنف بأنها تقود حركة النمو الاقتصادي العالمي في المرحلة الراهنة أيضاً، كونها تشهد أعلى معدلاتٍ لتحسن مستويات معيشة السكان مقارنةً بباقي دول العالم، سواء العالم المتقدم أو العالم النامي.

ويعتبر تقديم الخدمات الحكومية عبر البوابات الإلكترونية أو ما يسمى “بوابة الحكومة الإلكترونية”، أحد أهم أدوات أساليب تطوير الخدمات الحكومية في العالم حالياً، فهي بداية تقي المتعاملين عناء الذهاب إلى مقار الجهات الحكومية للحصول على الخدمات إلا في حدود ضيقة للغاية، كما أنها تختصر الإجراءات والخطوات التي يجب على المتعاملين اتباعها مقارنة بما كان سائداً في فترات ما قبل الحكومة الإلكترونية، وفي المقابل فإن تطبيق الحكومة الإلكترونية يخفف من الضغط على مرافق المؤسسات الحكومية وموظفيها، ويقلل من فرص الخطأ البشري الذي يمكن أن يقع فيه موظفوها، ومن شأن هذه التطورات في مجموعها أن تساعد على تقليل تكاليف الخدمات الحكومية وترفع من كفاءتها، بما يصب في النهاية في مصلحة المستفيدين النهائيين منها، الذين يحصلون على ما يلزمهم بتكاليف وجهد أقل ووقت أسرع وكفاءة أعلى.

وينطبق ذلك على الوضع الحالي في دولة الإمارات التي قطعت شوطاً طويلاً في بناء حكومتها الإلكترونية وتطويرها، وجعلتها منفذاً موحداً لتقديم النسبة الأكبر من الخدمات الحكومية، فأصبحت واحدة من الدول المعدودة في العالم التي اقتربت كثيراً من امتلاك واحدة من البوابات الإلكترونية الحكومية المتكاملة، وذلك وفق الوصف الذي وصفها به تقرير الأمم المتحدة المذكور، والذي وضعها بين أكثر عشر دول في العالم اقتراباً من استخدام بوابة إلكترونية متكاملة، وهو الوصف الأدق في التعبير عن أن الجهود التي تبذلها الإمارات من أجل التأسيس لحكومة إلكترونية عصرية ومعبّرة عن مستوى النهضة والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تشهده الدولة وهي في مجملها جهود موفقة وناجحة في تحقيق أهدافها المرحلية حتى الآن، وأن هذه الجهود قد اقتربت كثيراً من تحقيق كامل الأهداف والغايات التي رسمت لها منذ البداية، ليصبح حلم الحكومية الإلكترونية المتكاملة واقعاً ملموساً، ولتضع الدولة لبنةً جديدةً في بناء مجتمع المعرفة على أراضيها، ولتقطع شوطاً كبيراً تجاه إدراك غايات التنمية الشاملة والمستدامة.

 

عن نشرة “أخبار الساعة” الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

الغرامات.. وعقلية "اللحظة الأخيرة"

أجد نفسي متعاطفاً مع هيئة الإمارات للهوية، وهي تنفذ هذا المشروع الوطني الكبير، وتسابق الزمن حتى يكون الإنجاز بمستوى طموح الوطن والقيادة الحكيمة لإمارات المحبة والوفاء، وما يعول عليه من أهداف للتسجيل في السجل السكاني واستخراج بطاقة “الهوية”.
فالهيئة قطعت شوطا كبيرا في رحلة الإنجاز، وهي تطور إجراءاتها بدءاً من لحظة التسجيل لدى مكاتب الطباعة وعملية طباعة البطاقة وتسليمها، لتختفي تلك الطوابير الطويلة التي كانت تظهر عند مراكز التسجيل مع بداية إطلاق المشروع قبل عدة سنوات.
ولكن هذه الطوابير ظهرت مؤخرا عند مكاتب البريد التي تظل خالية تماما من حشود تتشكل مع اقتراب نهاية مهلة كل شريحة من الشرائح التي حددتها الهيئة، وفق جداول محددة مسبقا، ونظمت أكثر من حملة توعوية ضخمة للفت أنظار هذه الشرائح التي يصرّ سواد عظيم منها على انتظار اللحظة الأخيرة، فإذا ما تجاوزته، بدأت في إطلاق التظلمات والمناشدات لإعفائها من رسوم التأخير المحدد طبقا للوائح وقرارات من مجلس الوزراء الموقر.
وأجد نفسي متعاطفا كذلك مع “بريد الإمارات” الذي لا يزور مكاتبه أصحاب هذه البطاقات إلا في اللحظة الأخيرة أو عند شعورهم بالحاجة لتلك البطاقة لإنجاز معاملة ما، وإلا كيف نفسر وجود 84 ألف بطاقة هوية جاهزة للتسليم في مركز بريد الإمارات في إمارة دبي فقط، مر عليها أكثر من 90 يوما، ومع هذا لم يحضر أصحابها لاستلامها؟! ولنتخيل الموقف مع إرسال الهيئة يومياً نحو 30 ألف بطاقة لتسليمها عبر مكاتب البريد المنتشرة في مختلف مناطق الدولة! وهو كم كبير من الإنجاز لا يضاهى من قبل أي جهة خدمية على مستوى الدولة، والذي كان يتطلب تفاعلا وتقديرا من أصحاب “اللحظة الأخيرة”. والذين مهما طورت “الهوية” و”البريد” من عملياتهما ستظل مشكلة هذه الفئات قائمة، لأنها لا تستيقظ إلا مع الغرامات وانتهاء الُمهّل، لأنها وببساطة لم تستوعب حتى الآن أهمية وقيمة بطاقة الهوية، ومحورية هذا المشروع الوطني الكبير في تعزيز واحة الأمن والأمان التي ننعم في ظلالها، ودورها في حماية بياناتنا الشخصية من أي عبث أو سوء استخدام.
وكانت الهيئة قد أعلنت مؤخرا في بيانات صحفية “تسليم أكثر من 571 ألف بطاقة للمتعاملين منذ الأول من يناير الماضي ولغاية 15 فبراير الجاري، وذلك من أصل 977 ألف بطاقة سلّمتها الهيئة لبريد الإمارات خلال الفترة عينها”.
والهيئة تدرس اليوم تسريع إصدار بطاقة “الهوية” باعتماد “لا مركزية الطباعة” قريباً، للقضاء على طوابير اللحظات الأخيرة، فأعتقد أنه حري بها دراسة إمكانية إصدار البطاقة في نفس يوم “التبصيم”، كما نجح “المرور والترخيص في أبوظبي”، في القضاء على الازدحام وتكدس المراجعين بطباعة وتسليم ملكيات السيارات في نفس اليوم، رغم الفارق في مستوى وحجم المعلومات.
إن ما حدث أمام “بريد الإمارات” في أبوظبي والعين مؤخراً، أكد – وللأسف- وجود شريحة كبيرة من الجمهور، لا تتذكر القوانين واللوائح المنظمة إلا عند اقتراب فرض رسوم التأخير أو انتهاء المهلة المحددة لاستخراج هذه الوثيقة أو تلك.

بقلم: علي العمودي , صحيفة الاتحادبقلم: علي العمودي صحيفة الاتحاد

مكافحة الجريمة الإلكترونيّة

نشرت جريد الاتحاد، في عددها الصادر يوم الأربعاء 15 فبراير 2012، في العمود اليومي “الإمارات اليوم”، مقالاً مهمّاً حول مكافحة الجريمة الإلكترونيّة، عن نشرة “أخبار الساعة” الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيّة.

ولأهميّة المقال، تعيد “نافذة للحوار” نشر المقال وذلك تعميماً للفائدة وحرصاً على زيادة درجة الوعي حول مكافحة الجريمة الإلكترونيّة:

أصبحت الجرائم الإلكترونية واحداً من التحديات التي تحرص الأجهزة الأمنية والشرطية في الدولة على مواجهتها والتصدّي لها بكل حزم، بعد أن تزايدت بصورة واضحة في الآونة الأخيرة، نتيجة تزايد استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات والإدارة والأعمال المصرفية والمالية، وهي المعطيات التي تشكل بيئة خصبة لعمل عصابات الإجرام الإلكتروني.

وإدراكاً منها لهذا الخطر المتزايد، فقد شكّلت شرطة أبوظبي، مؤخراً، فرقاً متخصصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية تستقبل البلاغات، وتضطلع بمهمّة البحث عبر المواقع الإلكترونيّة، وحجبها إن كانت إباحيّة، فضلاً عن تشكيل فرق ميدانية للبحث والتحرّي بشأن بعض البلاغات، أو ورود أيّ معلومات بحدوث جريمة تتطلّب مزيداً من البحث خارج نطاق مكتب إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي.

التوجّه نحو تشكيل فرق متخصصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية أمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية، خاصة في ضوء الاعتبارين التاليين: الأول تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات بصورة مطّردة في المؤسسات الحكومية والخاصة، إذ تحتل دولة الإمارات مكانة متقدّمة بين طليعة بلدان المنطقة، من حيث انتشار استخدام “الإنترنت”، وتوظيف التقنية الرقمية، ومستوى الجاهزية الإلكترونية، الأمر الذي يعني أنها تظل من بين أكثر الدول التي يستهدفها الإجرام الإلكتروني.

فحسب نتائج الدراسة الإحصائيّة، التي أعدتها شركة “نورتن” التابعة لـ”سيمانتيك”، بالتعاون مع شركة “استراتيجي ون” لسلوك “الفيروسات” في 42 دولة، ونشرت نتائجها في سبتمبر الماضي، فإن شخصين، على أقل تقدير من القاطنين في دولة الإمارات، يقعان ضحية أنشطة الجريمة الإلكترونية في الدقيقة الواحدة بفعل “الفيروسات” ورسائل التحايل الإلكترونية، وهجمات تصيد المعلومات السرية والمصرفية وغيرها.

ثاني هذه الاعتبارات، يتعلق بتأثير الجرائم الإلكترونية في الوضع الاقتصادي العام، خاصة أن نسبة كبيرة من هذه الجرائم بدأت تستهدف بصورة أساسية المؤسسات المالية والشركات العاملة في الدولة، كمحاولات الاحتيال على البنوك باستخدام وسائل تقنية متطورة تستهدف سحب الأموال بطريقة غير شرعية، من خلال تزوير بعض المستندات والأوراق، أو من خلال سرقة الرموز البنكية، أو الأرقام السرية لحسابات العملاء، وبيانات البطاقات الائتمانية لاستغلالها في أغراض إجرامية، وهي الجرائم التي تكلف الدولة مبالغ مالية طائلة سنوياً، تقدر حسب دراسة شركة “نورتن” بـ 2.3 مليار درهم خلال عام واحد فقط.

لكن، وبقدر التزايد المطرد في المعاملات الإلكترونية، فإن هناك تحركات موازية رسمية وشبه رسمية جادة، لتوفير بيئة أكثر أمناً للتعاملات الإلكترونية، بما يوفر مناخاً إلكترونياً يعزز من الثقة بهذه التعاملات، فقد عمدت الدولة إلى الإسراع في تبني أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، وفي الوقت نفسه اعتماد أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة.

كما أن الجهود الأمنية الفاعلة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والشرطية، وفي مقدمتها شرطة أبوظبي، قادرة على التصدي لهذه الجرائم الإلكترونية بقدر عالٍ من الكفاءة والاحترافية، لأنها تأخذ بأسباب التطور والتحديث المستمر لقدراتها وإمكاناتها المادية والتقنية، والارتقاء بمستوى أداء عناصرها البشرية، حيث تحرص شرطة أبوظبي بشكل متواصل على مواكبة مختلف التطورات التقنية والإلكترونيّة العالميّة في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، وعلم الأدلة الجنائية الإلكترونية، بهدف إيجاد خبرات في مجال أمن المعلومات تكون قادرة على مواجهة مختلف أشكال الجرائم الإلكترونية، ورصد مرتكبيها وتتبعهم على وجه السرعة.

NA

فضيلة النقد الذاتي

الخطأ متوقع تماماً. هذه حقيقة أكيدة، فلا مكان لمن ينكرها أو يكابر، فالخطأ وارد خصوصاً في الأوساط التي تعمل، فكل من يعمل معرض للخطأ كما هو معرض للصواب. طبعاً الخطأ بمقدار، والمطلوب تكريس هذا الاعتبار في الإمارات، فلا يجوز التبرؤ من الخطأ مطلقاً، كما يحدث في بعض المؤسسات، ومن قبل بعض المسؤولين للأسف. وزراء ورؤساء تنفيذيون يتنصلون من الخطأ المؤسسي، وكأنهم هم بأشخاصهم مسؤولون.
ونريد تكريس وعي الاعتراف بالخطأ، ما يرتب مفهوم النقد الذاتي، وهو ليس جلد الذات، وإنما الوقوف معها، وتأمل الحالة، والانطلاق منها إلى الإصلاح، وإلى المستقبل الأفضل.
في التعامل مع الصحافة ووسائل الإعلام، يلجأ البعض إلى الدفاع التلقائي عن المؤسسة، ويبدو بعض الردود متشابهاً وكأنه مأخوذ عن بعضه بعضاً، والأصل التعامل مع كل واقعة في حد ذاتها. ولو تصورنا أن هذه المؤسسة أو تلك بادرت إلى الاعتراف بالخطأ، واعدة بتجاوزه، لاحترمها الجميع، بالمقارنة مع المؤسسة التي تدين دائماً وتشجب، ودائماً تكذّب ناقدها، فلا لكلامه صلة بالواقع، والمسؤول المذكور مثلاً في النقد مفترى عليه دائماً.
وذلك مما لا يستقيم مع فكرة العمل المؤسسي أصلاً، فالعمل يحتمل قدراً من الخطأ. والموظفون على اختلاف مستويات المسؤولية معرضون للخطأ، ولا من توقع نسبة خطأ ما في عمل العاملين، وإذا أخطأ موظف فالموضوع يتعلق به وحده، ولذلك فإن الثقافة التي يعتنقها البعض، حيث يعتبر نفسه كمسؤول عنوان الدفاع التلقائي عن أخطاء الموظفين، ثقافة عجيبة ويجب أن تراجع وتطوق حتى تزول.
من النقد الذاتي تبدأ الحركة نحو تجاوز الخلل، ومن قبول نقد الناقدين، والتعامل معه بموضوعية وشفافية ووضوح.

بقلم ابن الديرة, جريدة الخليج

آخر تحديث في: أكتوبر 21, 2020 /