الخطأ متوقع تماماً. هذه حقيقة أكيدة، فلا مكان لمن ينكرها أو يكابر، فالخطأ وارد خصوصاً في الأوساط التي تعمل، فكل من يعمل معرض للخطأ كما هو معرض للصواب. طبعاً الخطأ بمقدار، والمطلوب تكريس هذا الاعتبار في الإمارات، فلا يجوز التبرؤ من الخطأ مطلقاً، كما يحدث في بعض المؤسسات، ومن قبل بعض المسؤولين للأسف. وزراء ورؤساء تنفيذيون يتنصلون من الخطأ المؤسسي، وكأنهم هم بأشخاصهم مسؤولون.
ونريد تكريس وعي الاعتراف بالخطأ، ما يرتب مفهوم النقد الذاتي، وهو ليس جلد الذات، وإنما الوقوف معها، وتأمل الحالة، والانطلاق منها إلى الإصلاح، وإلى المستقبل الأفضل.
في التعامل مع الصحافة ووسائل الإعلام، يلجأ البعض إلى الدفاع التلقائي عن المؤسسة، ويبدو بعض الردود متشابهاً وكأنه مأخوذ عن بعضه بعضاً، والأصل التعامل مع كل واقعة في حد ذاتها. ولو تصورنا أن هذه المؤسسة أو تلك بادرت إلى الاعتراف بالخطأ، واعدة بتجاوزه، لاحترمها الجميع، بالمقارنة مع المؤسسة التي تدين دائماً وتشجب، ودائماً تكذّب ناقدها، فلا لكلامه صلة بالواقع، والمسؤول المذكور مثلاً في النقد مفترى عليه دائماً.
وذلك مما لا يستقيم مع فكرة العمل المؤسسي أصلاً، فالعمل يحتمل قدراً من الخطأ. والموظفون على اختلاف مستويات المسؤولية معرضون للخطأ، ولا من توقع نسبة خطأ ما في عمل العاملين، وإذا أخطأ موظف فالموضوع يتعلق به وحده، ولذلك فإن الثقافة التي يعتنقها البعض، حيث يعتبر نفسه كمسؤول عنوان الدفاع التلقائي عن أخطاء الموظفين، ثقافة عجيبة ويجب أن تراجع وتطوق حتى تزول.
من النقد الذاتي تبدأ الحركة نحو تجاوز الخلل، ومن قبول نقد الناقدين، والتعامل معه بموضوعية وشفافية ووضوح.
Month: يناير 2012
نضحك أم نبكي؟!
كان ذلك فحوى السؤال الذي انشغل بمتابعته آلاف المواطنين خلال الأيام القليلة الماضية، وهو السؤال الذي فاجأ به الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مجموعة من الشباب المواطنين خلال تقديم شرح لمشروع في جناح هيئة الماء والكهرباء بالمعرض الذي صاحب مؤتمر طاقة المستقبل الذي احتضنته عاصمتنا الحبيبة مؤخراً وحظي باهتمام ومتابعة خاصين من سموه. وقد كان سؤالاً مباغتاً من سموه، وهو يسألهم “ماذا سنفعل في آخر يوم نصدر فيه آخر برميل نفط؟، هل سنضحك أم سنبكي؟”. ووسط الدهشة التي عقدت ألسنتهم، أجاب سموه عن السؤال “بالتأكيد سنضحك”، وقبل أن يفيقوا من ذهول ومفاجأة السؤال والجواب، قال سموه “بالتأكيد سنضحك؛ لأن استثمارنا فيكم أيها الشباب”. وقد أشار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في موقعه على “تويتر” لمتابعة تفاصيل مناسبة اللقاء والسؤال في المقال الذي كتبه رئيس تحرير موقع “مقالات دوت كوم”.
وفي السؤال والإجابة يتلخص مقدار الاطمئنان للمستقبل الذي حرصت قيادة إمارات المحبة والعطاء على توفيره لمواطنيها، وهو اطمئنان لم يبن من فراغ، بل كان ثمرة رؤى استشرافيه، كان الهاجس الأول فيها الإنسان ولأجل الإنسان. ومن هنا كانت كل تلك الخطط توجه لأجله، وللاستثمار في الموارد البشرية التي تعد الأهم في هذا الوطن. وما زلنا نستذكر تلك المقولة الخالدة لسموه لدى احتفائه بعدد من شباب هذا الوطن، بعد أن حققوا إنجازاً يضاف لرصيد الإمارات من الإنجازات، عندما قال سموه “الاستثمار في عيال البلاد ما يخيب”.
إن سؤال وإجابة سموه، يحملان كل هذا القدر من الاطمئنان للمواطن على مستقبله ومستقبل أحفاده، وحاضره وغده، ويؤكدان رهان قيادة بلاده عليه، كإنسان، ومقدار الجهود التي بذلتها وتبذلها من أجله، في خطط وبرامج بتنويع مصادر الاقتصاد الوطني بحيث لا تقتصر على مورد وحيد قابل للنضوب. على الرغم من الدراسات العلمية التي أكدت حجم الاحتياطات النفطية الهائلة للإمارات والتي تستمر لعشرات العقود المقبلة. لقد كان استشراف المستقبل من الهواجس والانشغالات التي أولاها سمو ولي عهد أبوظبي، الكثير من الاهتمام والرعاية. ونستحضر هنا الدعوة التي أطلقها سموه في مجلسه العامر لدى استضافته عالماً متخصصاً للحديث عن أزمة المياه، حيث حث سموه العلماء على ابتكار تقنيات غير مكلفة تساعد سكان منطقة الجزيرة العربية التي لا يجري فيها نهر واحد في مواجهة أزمة المياه بعد خمسين عاماً من الآن. وكذلك الاهتمام الكبير الذي يوليه سموه لمشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، والذي من ثماره مشروع مدينة “مصدر” التي تعد أول مدينة في العالم خالية من الانبعاثات الكربونية، وفي عاصمة دولة تعد لاعباً مهماً في صناعة وإنتاج النفط، وتحتضن مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “ايرينا”.
شواهد عديدة مضيئة تجسد جهود قيادة تستشرف المستقبل وتعمل لأجله بعد أن عززت الحاضر الباهي والمزدهر لأبنائها، الذين يحق لهم أن يضحكوا للمستقبل، ويفخروا بجهود قيادة صاغت بحكمة واقتدار أهم أدوات الاطمئنان للمستقبل، الإنسان الإماراتي.
علي العمودي
صحيفة الاتحاد
المحاسبة والتكريم
دأبت العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، على تكريم العاملين بها، وذلك بهدف تشجيع الآخرين نحو العمل الجاد والالتزام بواجباتهم، إلا أن هناك نقطة لا بد من طرحها وهي لماذا لا تتم محاسبة المقصرين وإبرازهم ليكونوا عبرة لمن لا يؤدي واجبه الوظيفي؟، آخذاً بعين الاعتبار أن هنالك العديد من الموظفين ممن لا يؤدون مهامهم الوظيفية، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأعراف والتقاليد، اعتقاداً منهم أنهم فوق المساءلة والتحقيق.
إن هذا السلوك والنمط يؤدي إلى انتشار روح عدم المبالاة، والإهمال في العمل، ويدرك كل من يهتم بالمصلحة العامة ان الإحباط النفسي يؤدي إلى تدمير الذات الإنسانية ومن ثم إلى تدمير المحيط الخارجي، وهي مصيبة العالم سواءً المتقدم ظاهرياً أو تلك التي لا يمكن غض الطرف عنها نتيجة للتراجع في مجالات التطور والتقدم.
من المعلوم أن معظم التقارير السنوية عن أداء الموظفين هي نسخة عن العام السابق، وانها تدخل في مجال حماية المسؤولين، ليؤكد للهرم الوظيفي الأعلى، أن العمل يسير بشكل جيد.
ولعل هذه الوضعية هي التفسير المنطقي لظاهرة احتلال بعض الشخصيات لبعض المناصب وهم غير كفء لها، في حين تهمل بعض المؤسسات الكفاءات الوطنية، وللأسف يحل محلها أفراد من جنسيات أخرى، وهي تعتمد على مزاجيات ومصالح المقيمين عليها سواء الأفراد أو المؤسسات التي تدفع لهؤلاء الأجانب ملايين الدراهم سنوياً.
فهل من المعقول أن الدولة لا يوجد بها كفاءات مواطنة لإدارة العديد من المؤسسات سواء الحكومية أو غيرها بعد مرور أربعين عاماً على قيام الدولة الاتحادية، وهل يعقل عدم وجود كفاءات أكاديمية لإدارة المؤسسات العلمية ومنها الجامعات والمعاهد؟، أم أن عقدة الأجنبي لا تزال سارية المفعول حتى الآن.
إن من سخرية القدر بل إنها جزء هام من عوامل الإحباط، أن يناط ببعض المؤسسات لأفراد أجانب، كل مؤهلاتهم أنهم من أصحاب العيون الزرق والخضر.
في هذا المجال لا بد من التذكير أن العديد من المواطنين قد أكدوا نجاحهم الواضح في العديد من المؤسسات التي يديرونها وبكفاءة عالية وإنجاز يشهد لهم به العالم الخارجي قبل الداخلي.
إن المصيبة الكبرى يتم طبخها في أفران بعض أولئك المستشارين ممن يخشون على مكاسبهم المالية والمعنوية لذلك فهم متآمرون من الدرجة الأولى ضد الوطن والمواطنين.
في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن التوطين وأهميته، إلا أن وضع العصا في عجلة التنفيذ دون علم معظم متخذي القرار سواءً على المستوى الاتحادي أو المحلي وحتى في معظم دول مجلس التعاون الخليجي التي تدعي أنها تسعى لتنفيذ سياسة توطين الوظائف، وإعطاء مواطنيهم الأولوية إلا ما ندر، ولكن للأسف هذا الذي ما ندر نلاحظه في أهم المؤسسات وهي الجامعات الحكومية وشبه الحكومية.
من الملاحظ أيضاً في وسائل الإعلام والاتصال، إقصاء للعناصر المواطنة تحت أسباب واهية وبعيدة عن الموضوعية إلا ما ندر، لإيمان بعضهم بأهمية تأهيل المواطنين.
إن المواطن المتعلم يجيد العديد من اللغات الأجنبية إضافة إلى اللغة العربية، ويتعامل مع التكنولوجيا الحديثة بشكل ممتاز… الخ، إلا أن تزايد طلب التقاعد المبكر في ازدياد، وهذا مؤشر على حالة الإحباط ورفع الراية البيضاء أمام العيون الزرق وذوي الياقات البيضاء القادمين من العالم الآخر.
وربما يتبادر للذهن سؤال ظاهره ساذج وباطنه مؤلم، لماذا لا تستفيد بلدان أولئك الخبراء من خبرات أبنائها العباقرة، بدلاً من تصديرهم إلى دول مجلس التعاون؟
ألم ندرك ان هؤلاء هم أداة من أدوات قمع الإبداع والعطاء للإنسان في وطنه أم أن إرضاء الخارج أهم من الداخل، إن صمام الأمان للجميع هو الجبهة الداخلية، أما الخارج فلديه عدد من الأجندات والخطط، فلا يزال يعامل المنطقة وكأنها بقرة حلوب متى ما جف اللبن أو الحليب تركت لتموت ببطء دون محاولة علاج للعلة، وهذه العلة هم الخبراء ممن لا يحملون مؤهلات الخبرة، إلا في عقول البعض. وقديماً قيل ان السمكة الفاسدة، تدمر بقية الأسماك.
قرب انتهاء زمن الـ «Password»
قد تستغرب قليلاً وأنت تقرأ عنوان المقال، وقد تعتقد أن هذا الأمر ليس بالأمر الصحيح، وأن عملية الاستغناء عن كلمة المرور للدخول إلى عنوانك البريدي، أو لفتحك كمبيوترك الشخصي، أو الدخول إلى الموقع هذا أو الشبكة الاجتماعية تلك، هي من المستحيلات وهي في نفس الوقت من الأمور الذي يصعب تصديقها، بسهولة ولنقل الآن وفي زمننا الحالي. وبصراحة تامة فتكهنك في مكانه وظنك ليس بالخاطئ، فكيف يمكن الاستغناء عن كلمة المرور؟.
في زمننا هذا، الذي أصبحت عمليات الاختراق والقرصنة، من السهولة لبعض المخربين حيث يمكنهم سرقة كلمات المرور الخاصة بك، بمجرد مرورهم على جهازك أو تصفحهم لبعض محتوياته. كلمة المرور في زمننا الحالي أصبحت من أهم ضروريات عصر التكنولوجيا الذي نعيشه، والاستغناء عنها يعتبر بمثابة تسليم خصوصياتك لملايين الأشخاص عبر بحر الإنترنت المفتوح.
ورغم كل هذه الأهمية لكلمة المرور، إلا أن علماء في شركة «أي.بي.إم» الأميركية العملاقة للتكنولوجيا تنبأوا بأنه سيكون بمقدور أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية قراءة الأفكار خلال الخمس سنوات القادمة، بمعنى أن هاتفك الذكي سيتمكن من قراءة أفكارك لتنفيذ أمر ما، دون الحاجة إلى الضغط على زر معين أو حتى النطق بهذا الأمر، كما هو عليه الحال في التكنولوجيا المستخدمة في هواتف آبل الجديد، آي فون 4 إس، من خلال العقل الصناعي «سيري».
ولقد أكدت شركة «آي بي إم» أن هنالك العديد من الاختراعات التكنولوجية الأخرى التي ستظهر قريبا، وعلى رأس هذه التغيرات الكبيرة التي ستطرأ على عالم التكنولوجيا، حسبما ذكرت الشركة هو اختفاء كلمات المرور والاستعاضة عنها بأنظمة «البيانات البيومترية»، وأن التكوين البيولوجي سيكون هو المفتاح للهوية الفردية.
ومن بين الشركات التكنولوجية التي بدأت في السير على هذا النهج، والتي بدأت في محاولة الاستغناء عن كلمات المرور، هي شركة جوجل، وذلك من خلال أحدث نسخة من نظام التشغيل الخاص بها «أندرويد»، القادر على قراءة تقسيمات الوجه والتي ستعتبر عبارة عن «كلمة المرور» لفتح الجهاز أو للدخول مثلاً إلى عنوانك البريدي أو حسابك الخاص، في المستقبل القريب.
أعتقد أنه لم يعد هنالك مجال للاستغراب أو التعجب، فعملية طباعة كلمات المرور الخاصة بك ومحاولة تذكرها وعدم نسيانها لكل حساب خاص بك أو لكل عنوان بريدي تتردد عليه.. ستصبح عاجلاً أم آجلاً، من الماضي، ولن تضطر إلى تذكرها أو تسجيلها على ورقة خاصة، سرية.. خوفاً من أن يعلم بها أحد، ولن تضطر إلى مداراة أصابعك وهي تطبع كلمة المرور الخاصة ببطاقة الصراف الآلي، خوفاً من أن تلتقطها عيون من حولك.. فكلمة المرور بعد سنوات قليلة قادمة ستكون هي (أنت)، فحافظ على نفسك من السرقة.
2012
اليوم الأول في السنة الجديدة. كل عام والجميع بخير، كل عام وبلادنا الإمارات بخير، والإمارات تقطف نتائج عهود أهلها المتطلعين دائماً إلى زمن أفضل، وإلى مستقبل أفضل. هذه هي السنة الميلادية الأولى بعد احتفال شعب الإمارات باليوم الوطني الأربعين، هذا هو اليوم الأول في السنة الجديدة. بهذا تجدد العبارة معناها وبريقها: “كل عام وأنتم بخير” لها معنى جديد مختلف. معنى مغاير ومفارق.
ليست عبارة وجدانية خالصة. نريد في السنة الجديدة استكمال المنجز، واستعراض الملفات غير المكتملة.
نريد سد كل نقص، والوصول إلى كل هدف، ونريد أن نتوقف لحظة ولحظات مع النفس. إن لدى كل منا خطته، مشروعه الشخصي، ولدى كل منا إسهامه ضمن المشروع الوطني، والمطلوب أن نعمل تحت مظلة الإخلاص والجدّية والحماسة نحو تحقيق الأهداف، فالأهداف تقترب وتتحقق في حالة العمل فقط. الكلام وحده على أهميته لا يقدم خطوة إلى الأمام، وأمامنا الغد المفتوح على أرحب الآفاق.
المطلوب العمل الواعي والعميق، وأن نحوّل كل أيامنا إلى أيام وطنية، وكل سنواتنا إلى سنوات وطنية، فلنعمل خصوصاً على استكمال ملفاتنا المهمة ما أمكن، وفي مقدمها التعليم والصحة وإسكان المواطنين. لنعمل أيضاً، وبقوة وثقة، على تحقيق هويتنا الوطنية، وعلى مواجهة عناوين كبرى على رأسها التوطين والبطالة والتركيبة.
المنجز واضح وكبير، وما يتطلب الاستكمال واضح، والمطلوب العمل في السنة الجديدة كما في السنة القديمة. في السنوات المقبلة كما في السنوات الماضية. المهم الالتفات إلى التجربة، وقراءتها وإعادة قراءتها، واستخلاص الدروس، والانطلاق إلى غد يليق بإمارات الخير بجناحين من القوة والثقة.
صفحاتنا للتواصل الاجتماعي