بطاقة الهوية بلا شك هي الوثيقة الأكثر أهمية بين مستندات التعريف الشخصي، وجاء الجهد من قِبل القائمين عليها مثمّناً وقيّماً، فأصبحت ما يُشبه موسوعة شاملة عن الإنسان وأي معلومة عنه، وفي الدولة نستطيع استخدامها كبطاقة سحب آلي بفضل ربطها مع حسابات المستفيد الموجودة في بنوك الدولة؛ وربما مع العالم في وقت لاحق. بلا شك أصبحنا أخفّ حِملاً الآن مع بطاقة الهوية ذات المواصفات الذكيّة.
ولعلّي أودّ أن أتطلّع لبطاقة الهوية بأفق آخر، وفي سماء الإبداع، أفق يحمل في طيّاته مواصفات خاصة للفئات الخاصة والعامة في المجتمع، فذوي الإعاقة يحتاجون لبطاقة تُعرّف بهم وتفصح عن احتياجاتهم من دون بذل أي نوع من الجهد لكي يتحدّثوا أو يشرحوا أو يتساءلوا، بحيث تصبح البطاقة هويّة للمستخدم بكل ما تحمل الهويّة من معان. فنحن على عِلم بأن ذوي الإعاقة يحتاجون لرعاية في مجالات متعدّدة، وهناك فئات منهم لا يستطيعون التعبير بالحديث الصريح المفهوم لعامّة الناس في المجتمع، فمنهم من يستخدم لغة الإشارة؛ وهي لغة يتقنها القليل جداً من الناس المرتبطين أساساً بالعمل في مجال رعاية الصّم، وهناك المصابون بالتوحّد وهم في أغلبيّتهم غير ناطقين باللغة أساساً، وهناك ذوو الإعاقة الذهنيّة الذين يحتاجون لدعم أكبر، وغيرهم من الناس، وهناك شريحة كبار السنّ وغير المتعلّمين الذين لا يعرفون تاريخ الميلاد، ولا يفهمون موظفي القطاعات الحكومية أو الخاصة لاختلاف اللغات واللهجات.
إني أتطلّع لبطاقة تنطق بهويّة حاملها، وتسهّل على الموظّف الذي يقدّم الخدمة الوصول لأفضل الجهود لمساعدة الشخص الذي يقف أمامه، فإذا ما كان الشخص في مصرف على سبيل المثال، فإن البطاقة تضع أمام الموظّف جميع ما يحتاجه من معلومات بمنتهى السريّة ومن دون أن تعطيه أي بيانات لا يحتاج إليها؛ إضافة إلى أنها توضّح للموظف ما إذا كان المتعامل ذا احتياج خاص في القراءة أو السمع أو الكتابة وغيرها.
وإذا تقدم حامل البطاقة بها لمؤسسة تعليمية، فإن الموظّف سيجد كل سجلاته التعليمية السابقة؛ إضافة أيضاً، كما أوضحت سابقاً، إذا ما احتاج لخدمات خاصة. وإذا تقدّم بها لمؤسسة صحيّة؛ فإن البطاقة ستسهّل على الموظف معرفة تاريخ مختصر عن حالة المريض، وما الأدوية المستخدمة حالياً، وما الفحوص التي أجراها، وغيرها من أمور مهمة تختص بالصّحّة.
أريد لبلادي السبق في إطلاق بطاقة هوية تعتني بصاحبها، تحمل كل المعلومات التي تيسّر عليه طلب أي خدمة بسهولة ومن دون أي تعطيل. بطاقة ذكية تدخل بصاحبها عالم الخدمة السريعة بمنتهى الدقّة العالية الجودة، بطاقة تنطلق بتطبيقات فائقة السرّيّة، وتحمل في طيّاتها الهويّة، والتعبير عن الحاجة، والحصول على الخدمة في وقت قياسي، ومن دون عناء، السؤال والجواب الذي يخفى عن العديد من الناس.
الريادة في هذا القرن، نحن من وضعنا أساسها، والإبداع سمة من سمات عملنا، ونحن من أطلقنا شعار “الإنسان يُعان ويُصان”، ففريضة التطوّر واجبة على الجميع ولابد لنا من القيام بها ولا تسقط عن أحدنا، واستحداث ما من شأنه أن ييسّر على الناس أمور حياتهم ومعاملاتهم، وإذا أردنا أن نطوّر من خدماتنا للناس، علينا أن نوصل المعلومة المناسبة والتعليمات الخاصة بشكل مباشر ودقيق، وبهذا لن يكون هناك مجال للتعذّر أو التباطؤ، أو التقصير.
صفحاتنا للتواصل الاجتماعي