في يوم الأم الذي احتفلت به الكثير من دول العالم قبل عدة أيام، تقديراً للأم التي تمثل بالنسبة لنا أيقونة الطهر والنقاء، ومنتهى المحبة والحنان، في هذا اليوم والعالم مشغول بتدبيج عبارات المجاملة، أستذكر القول الذي لم يدع لأي كان مجالاً للتعبير عن حق الوالدة على الولد بما هو أبلغ وأفصح، وهو قول خير الخلق والبشر المبعوث رحمة للعالمين رسول الله محمد صل الله عليه وسلم حين سأله رجل: “يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟” فجاء الجواب الذي لم يستطع أحد منذ ذاك التاريخ من الفلاسفة والمفكرين والمثقفين أن يزيد عليه أو يعبر بما هو أوضح منه:”قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك”.
إنها الأم التي كرّمها رب العزة عزّ وجلّ في أكثر من موقع في كتابه العزيز “ووصينا الإنسان بوالديه حملته إمه كرهاً ووضعته كرها” (الأحقاف آية 15)، و”ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن” (لقمان آية 14)، ثمّ كرّمها الذي لا ينطق عن الهوى حين أمر بحسن صحابتها ثلاثاً في موقع، وحين امر بلزوم رجلها لأن ثمَّ الجنة.
وفي هذا الإطار أقتبس فقرة من أجمل ما قرأت في حق الأم من مقالة للشيخ الدكتور سعود الشريم إمام الحرم المكي يقول فيها: “هي أنثى بسيطة من هذا الكون ثَمَّ مخلوقة ضعيفة، تغلب عليها العاطفة الحانية، والرقة الهاتنة، لها من الجهود والفضائل ما قد يتجاهله ذوو الترف، ممن لهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم قلوب لا يفقهون بها، هي جندية حيث لا جند لها، وهي حارسة حيث لا حرس لها، لها من قوة الجذب ومَلَكة الاستعطاف ما تأخذ به لبَّ القلب، وتملك نياط العاطفة دقّها وجلِّها، وتحل منه محل العضو من الجسد، بطنها له وعاء، وثديها له سِقاء، وحجرها له حِواء، إنه ليملك فيها حق الرحمة والحنان، لكمالها ونضجها، وهي أضعف خلق الله إنساناً، إنها مخلوقة تسمى الأم، وما أدراكم ما الأم؟”.
هي أمي ..وعاء الحب والطيبة ومنبع العطف والحنان، فهل منّا من يجزم بأنه برّ بها؟
اعتقد بأننا ومهما وصلنا من مراتب البرّ، فإننا لن نوفّي تلك الشمس حقها.
صفحاتنا للتواصل الاجتماعي