أصبحت الهجمات الإلكترونية تشكل تهديداً متنامياً لأفراد المجتمع ومجتمع الأعمال في الآونة الأخيرة، خاصة نتيجة لتزايد استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات والإدارة والأعمال المصرفية والمالية، وهي المعطيات التي تشكل بيئة خصبة للهجمات الإلكترونية. وفي هذا السياق، فإن أحدث التقارير الصادرة عن شركة «سيمانتك» المتخصصة في حلول الحماية الأمنية للبيانات والمعلومات تشير إلى أن إجمالي الخسائر المالية الناجمة عن هجمات القرصنة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة بلغت 1,8 مليار درهم، خلال الأشهر الـ 12 المنتهية في سبتمبر 2013، في الوقت الذي بلغت فيه حصة مستخدمي الإنترنت الأفراد في دولة الإمارات العربية المتحدة 55% من إجمالي خسائر الهجمات، إذ بلغت 1,046 مليار درهم، فيما تجاوزت خسائر قطاع الأعمال نحو 790 مليون درهم للفترة نفسها.
الواقع أن دولة الإمارات العربية المتحدة تظل من بين أكثر الدول عرضة للهجمات الإلكترونية في المنطقة، وخاصة أنها تحتل مركز الصدارة من حيث انتشار استخدام الإنترنت، وتوظيف التقنية الرقمية، ومستوى الجاهزية الإلكترونية، في إطار توجهها نحو اقتصاد المعرفة وتفعيل الثقافة الرقمية، وتعميم التعاملات الإلكترونية في مختلف الوزارات والمؤسسات المختلفة من منطلق مواكبة ما يحدث في العالم المتقدم، وهذا ما يجعلها هدفاً لعصابات القرصنة الإلكترونية، التي تستغل عدم وعي بعض أفراد المجتمع بأساليب الاحتيال الإلكتروني في القيام بهجماتها الإلكترونية، والتي تتركز بصفة رئيسية في سرقة أرقام البطاقات الائتمانية، ومحاولات الاحتيال على البنوك باستخدام وسائل التقنية المتطورة، التي تستهدف سحب الأموال بطريقة غير شرعية من خلال تزوير بعض المستندات والأوراق أو من خلال سرقة الرمز البنكي، أو الرقم السري لحسابات العملاء.
لا شك في أن الهجمات الإلكترونية تنطوي على تأثيرات سلبية على الأفراد ومناخ الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة، لكن الأمر الذي يدعو إلى عدم القلق، هو أن هناك تحركات موازية رسمية وشبه رسمية لتوفير بيئة أكثر أمناً للتعاملات الإلكترونية، بما يوفر مناخاً إلكترونياً يعزز من الثقة في هذه التعاملات، فقد عمدت مؤسسات الدولة المختلفة إلى الإسراع في تبني أحدث التقنيات للتطبيقات الإلكترونية، وفي الوقت نفسه اعتماد أحدث الآليات والحلول لأمن الشبكات في قواعدها المتكاملة، كما أن الجهود الأمنية الفاعلة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والشرطية في الدولة قادرة على التصدي لهذه الجرائم الإلكترونية بقدر عالٍ من الكفاءة والاحترافية، لأنها تأخذ بأسباب التطور والتحديث المستمر لقدراتها وإمكاناتها المادية والتقنية والارتقاء بمستوى أداء عناصرها البشرية، كما تحرص على مواكبة مختلف التطورات التقنية والإلكترونية العالمية في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، وعلم الأدلة الجنائية الإلكترونية؛ بهدف إيجاد خبرات في مجال أمن المعلومات تكون قادرة على مواجهة مختلف أشكال الهجمات الإلكترونية، وتَتَبُّع مرتكبيها ورصدهم على وجه السرعة.
وإذا كان الأفراد من أكثر الفئات المستهدفة لهجمات القرصنة الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن من الضروري العمل على تعزيز وعيهم بطبيعة أساليب الاحتيال الإلكتروني الجديدة وكيفية التصدي لها، صحيح أن وزارة الداخلية تطلق العديد من المبادرات لتوعية الأفراد والشركات بهذه النوعية من الجرائم، لكن من المهم أيضاً مشاركة مختلف الجهات والهيئات المعنية في تعزيز الوعي بخطورة هذه الظاهرة من أجل التصدي لها بفاعلية وحصرها في أضيق نطاق ممكن.
صفحاتنا للتواصل الاجتماعي