مقالة بعنوان التسامح
التسامح مبدأ وقيمة إنسانية عظيمة تحمل في ثناياها معانٍ نبيلة وثمينة كونها زينة الفضائل وتتربع على عرش القيم الأخرى، فهي تنقي القلب وتطهر الروح وترِق لها النفس وتقرب الأشخاص من بعضهم البعض وتجعلهم مترابطين روحيًا ومعنويًا وتعزز الشعور بالرحمة والمودة والتعاطف بين أفراد المجتمع، والفطرة التي فطرنا الله عليها كمسلمين هي فطرة طيبة تدعونا للالتزام بالخلق الحسن والعمل الصالح وعلى رأسها التسامح.
في وقتنا الحالي يعتبر التسامح من أهم المواضيع التي يجب التركيز عليها، لدوره الكبير وأثره الإيجابي والفعال في حياتنا لما يواجه العالم من مشاكل عديدة وأزمات و حروب، ناهيك عن الأمراض المعدية في وقتنا الحالي – جائحة كورونا -كوفيد19 – وغيرها من الأوبئة، والتي ترتبت أثارها السلبية على البشرية جمعاء، جعلت العالم بأسره بأمس الحاجة إلى التعاون والتضامن والتسامح بكل ما تحمله الكلمة من معنى والعمل على تطبيقه قولًا وفعلًا،حيث أصبح ضرورة حتمية لتحقيق مصالح الأفراد والمجتمعات ككل. وكثيرًا ما تقترن فكرة التسامح في عديد من المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية، ذلك لأن التسامح بالعموم يشمل نواحي الحياة كافة ويمثل حجر الأساس في بناء المجتمعات الآمنة والمطمئنة ، فهناك التسامح الديني وهو أن يتعايش الإنسان مع كافة الديانات و ممارسة الشعائر الدينية بحرية بعيدًا عن التعصب ،و أيضًا التسامح الثقافي وممارسة حرية التعبير والتحاور مع الآخرين دون تجاوز الآداب العامة للحوار بالإضافة للتسامح العرقي وهو الابتعاد عن النظرة الدونية لبعض الأعراق أو الأصول، كما أن هناك الكثير من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تتضمن المبادئ الأساسية عن التسامح وتُناقض كل أشكال التعصب والتطرف وتنبذ التميز والكراهية، وتقبل الآخرين باختلاف أجناسهم وأديانهم وأعراقهم، ومجتمعاتنا بحاجة إلى قيم راسخة مبنية على التسامح والتي بدورها تعزز التعايش والتواصل بين الأفراد لبناء مستقبل واعد ومشرق. وإعداد شعبًا متحضرًا بعيدًا عن التشدد والانغلاق وتأسيس علاقات إنسانية ناجحة لأن الأمم الراقية لن تتقدم أو ترتقي إلا بالعمل والتعاون والتسامح والاحترام المتبادل. بما يعود بمصلحة وخير للبلاد والعباد وعمارة الأرض وسعادة الناس وهناء معيشتهم. كما يعد مفهوم التسامح فن من فنون التعامل مع الآخرين فقط العظماء من يعزفون على أوتاره ،وهو من الخصال الجميلة والسمات الجليلة وصفة من صفات الأنبياء العظماء وخير قدوة لنا في تطبيق العفو والتسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس هو رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة الأخيار ،وأن يتصف بها الإنسان كان أبعد مما يكون عن سائر أنواع الأنانية وتجنب الأنا وحب الذات، ولأن الله عفو يحب العفو أوصانا ورسوله الكريم بأن يسود بيننا التسامح والرحمة والمحبة، فواجب علينا أن نتبع ما أُمرنا به لقوله تعالى ( فَاصْفَحِ الصِّفْحَ الْجِميلَ ) سورة الحجر85، وقوله صلى الله عليه وسلم (أنْ تَعْفو عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَك وتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك)، وبالتالي المتسامح لا ينظر للأمور من زاوية ضيقه بل لديه بُعد ثقافي وواعظ ديني كبير يستطيع من خلاله التعامل مع من حوله وبذلك تعد دولة الإمارات السباقة دائمًا ومنارة الخير كونها تحمل رسالة التسامح على جميع الأصعد الإنسانية والسياسية والاقتصادية وغيرها. والانفتاح الحضاري والعطاء على مستوى العالم . ومن الأقوال المأثورة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم–حفظه الله- عن التسامح للإنسانية جمعاء . بأن التسامح لا نعليه شعارًا. ولكن نعيشه نهج حياة (وأكثر ما نفاخر به الناس والعالم أننا دولة يعيش فيها جميع البشر بمحبة حقيقية وتسامح حقيقي) كون التسامح والعطاء وجهان لعملة واحدة، فلا ينتظر المتسامح المعاملة بالمثل إنما يقابل الإساءة بالإحسان (فسامح صديقك وإن زلت به قدم… فليس يسلم إنسان من الزلل) وأن نلتمس الأعذار ونتجاوز عن أخطاء الآخرين والعفو عند المقدرة، لأن أعقل الناس أعذرهم للناس.
ودائمًا من يمتلك القدرة على التسامح وعمل الخير هو إنسان ذو عقل راجح ومتزن في شخصيته. فعلى قدر عطائك يفتقدك ويحبك من حولك ، فاجعل التسامح أسلوبك ومنهج لحياتك، وكن متسامحًا معطاءً على الدوام ترى نور الله في كل شيء من حولك و نعيمًا لا يبصره إلا من سامح وأحسن الظن بالله . فروعة الإنسان ليس بما يملك بل بما يمنح فما أجمل أن تكون كالمطر حيثما وقع نفع.
صفحاتنا للتواصل الاجتماعي