العيد، حتى رسمياً، ليس يوماً واحداً، وفي امتداده إشارة إلى إمكان استمراره في الإجازة وبعد الإجازة، فكيف يمكن وضع العيد في العين والقلب والروح، والاحتفاظ بمعناه البليغ أطول مدة ممكنة؟
العيد شعور مطوق بالطمأنينة، والعيد إحساس السلام لا الحرب، والحكمة لا الفتنة، العيد عودة إلى النفس، وصداقة حميمة مع الآخر . مع الآخرين جميعاً، ومن مقاصده أن النفوس تصفو وتتصافى، فلا مكان لعداوة أو خصومة أو غضب، والمكان كله للأخوة والمحبة والتسامح والصفح.
فكيف نعيش العيد في العيد وخارجه في ما يلي من أيام؟
كما نتهيأ قبل العيد لاستقباله، فعلينا أن نتهيأ لكل يوم من أيامنا كأنه عيد . تلك منظومة القيم في ديننا وتراثنا، ولنا أن نقتبس منها ذلك الضوء الخالد الذي يعمر الصدور بالصبر لكن مع الإصرار والعمل . تلك منظومة قيمنا المتكاملة، وعلينا التعامل معها ككل من دون تجاوز كلمة أو الغفلة عن نقطة . »التفتيت« هنا نوع من التشظي غير المرغوب أو المطلوب . التفتيت هنا لا يخدم الغرض العام، ومنظومة قيمنا واحدة لا مجال فيها لانتقاء أو إقصاء .
ثاني أيام العيد ليس نهاية المطاف، ولا ثالث أيامه أو رابعها . العيد فكرة قبل أن يكون مناسبة طارئة، صحيح أنه يؤطر في يومه اللصيق بمناسبته، حيث إن فكرته تحضر في ذلك اليوم بشكل أكثر كثافة، لكن الفكرة نفسها قابلة للتوسيع والتعميم، حتى تشمل المزيد من الدوائر والأزمنة والحالات.
وما أحوجنا، داخل الأسرة والمجتمع، إلى عيد متجدد لا ينتهي بغروب شمسه آخر النهار . عيد يحتفظ بدفئه على مدار العام حتى في الشتاء، ويشعرنا ونحن تحت مظلته بالأهمية والخصوصية والتفرد .
عيد يتجدد عاماً بعد عام، ويوماً بعد يوم، ولا نردد في استقباله مع المتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد؟
بل فيك يا عيد تجديد وتجديد، وفي فكرتك وعود وأنهار وينابيع، ووصول أبدي إلى نفس راضية، ونفس ترضى مهما كانت الظروف حالكة، حيث نفس العيد تمتلك في داخلها عيد النفس، وتلك القدرة على استحضار العيد كل إطلالة نهار.
اكتب تعليقك