التسامح مبدأ وقيمة إنسانية عظيمة تحمل في ثناياها معانٍ نبيلة وثمينة كونها زينة الفضائل وتتربع على عرش القيم الأخرى فهي تنقي القلب وتطهر الروح وترق لها النفس وتقرب الأشخاص من بعضهم البعض وتجعلهم مترابطين روحياً ومعنوياً وتعزز الشعور بالرحمة والمودة والتعاطف بين الناس، خصوصاً وأنّ الفطرة التي فطرنا الله عليها كمسلمين هي فطرة طيبة تدعونا للالتزام بالخلق الحسن والعمل الصالح وعلى رأسه التسامح.
كن متسامحاً معطاءً على الدوام ترى نور الله في كل شيء من حولك ونعيماً لا يبصره إلا من سامح وأحسن الظن بالله فروعة الانسان ليس بما يملك بل بما يمنح فما أجمل أن تكون كالمطر حيثما وقع نفع.
في وقتنا الحالي يعتبر التسامح من أهم المواضيع التي يجب التركيز عليها، نظرا لدوره الكبير وأثره الإيجابي والفعال في حياتنا في ظل ما يواجهه العالم من مشكلات عديدة وأزمات وحروب انعكست آثارها السلبية على البشرية جمعاء، وجعلت العالم بأسره بأمس الحاجة إلى التسامح بكل ما تحمله الكلمة من معنى والعمل على تطبيقه قولاً وفعلاً، ويعد ضرورة حتمية لتحقيق مصالح الأفراد والمجتمعات ككل.
وكثيراً ما تقترن فكرة التسامح في عديد من المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية ذلك لأن التسامح بالعموم يشمل نواحي الحياة كافة ويمثل حجر الأساس في بناء المجتمعات الآمنة والمطمئنة، فهناك التسامح الديني وهو أن يتعايش الانسان مع كافة الديانات وممارسة الشعائر الدينية بحرية بعيداً عن التعصب وأيضا التسامح الثقافي وحرية التعبير والتحاور مع الآخرين دون تجاوز الآداب العامة للحوار بالإضافة للتسامح العرقي وهو الابتعاد عن النظرة الدونية لبعض الأعراق أو الأصول.
ومما لا شك فيه أن مجتمعاتنا تتبنى قيما راسخة مبنية على التسامح تعزز التعايش والتواصل بين الأفراد لبناء مستقبل واعد ومشرق يقوم على علاقات إنسانية ناجحة لأن الأمم الراقية لن تتقدم أو ترتقي إلا بالعمل والتعاون والتسامح والاحترام المتبادل، وبما يعود بالمصلحة والخير على البلاد والعباد ويحقق الهدف الأسمى للإنسان وهو عمارة الأرض وسعادة الناس وهناء معيشتهم.
ومفهوم التسامح من الخصال الجميلة والسمات الجليلة فقد أمر الله تعالى به (فاصفح الصفح الجميل)-سورة الحجر85، وهو صفة من صفات الأنبياء العظماء وخير قدوة لنا في تطبيق العفو والتسامح الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة الأخيار فقد أوصانا على الصلاة والسلام بإفشاء السلام ونشر التسامح والرحمة والمحبة حين قال: (أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك).
وتعد دولة الإمارات منارة خير وتسامح وعطاء على مستوى العالم، حيث يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم–حفظه الله- في هذا المجال (أكثر ما نفاخر به الناس والعالم أننا دولة يعيش فيها جميع البشر بمحبة حقيقية وتسامح حقيقي).
إن التسامح والعطاء وجهان لعملة واحدة، فلا ينتظر المتسامح المعاملة بالمثل فكل منا معرض لمواقف قد يخطئ فيها آخرون تجاهه سواء على الصعيد الشخصي أو العملي، وهو ما يتطلب منا أن نتعامل بحب مع جميع الأشخاص سواء كانوا من الأصدقاء أو زملاء العمل والعفو عنهم وعن زلاتهم (فسامح صديقك وإن زلت به قدمه فليس يسلم إنسان من الزلل) وهذا لا يعني نسيان ما حدث أو ما تعرضنا له من مواقف بل التذكر دون أن نمتعض وأن نقابل الإساءة بالإحسان والعفو عند المقدرة وأن نلتمس الأعذار والتجاوز عن أخطاء الآخرين وتذكر مزاياهم وعدم التركيز على عيوبهم أو إقصائهم لمجرد وجود اختلاف معهم.
إنّ من يمتلك القدرة على التسامح وعمل الخير هو إنسان ذو عقل راجح ومتزن في شخصيته وتعامله مع الأخرين لأن أعقل الناس أعذرهم للناس.
أخيرا… على قدر عطائك يفتقدك ويحبك الأخرون، فسامح من اعتدى وابتعد عن إساءته وأجعل التسامح أسلوب حياتك وسلوكك اليومي.
اكتب تعليقك