لا يدرك الكثيرون أهمية اللغة في حياة الشعوب، ولا يدركون أهمية الحفاظ عليها باعتبارها صمام الأمان للهوية لأي مجتمع، ويغيب عنهم حقيقة أن حفظ اللغة وضمان استمراريتها يكون بقدر محافظتنا عليها كأفراد ناطقين بها.
إن عدم إدراك هذا الأمر كان سبباً في انقراض كثير من اللغات في العالم، وبانقراض تلك اللغات انقرضت وتلاشت معرفتنا بشعوبها وأقوامها وثقافاتها.
اللغة العربية مسؤولية كل ناطق بها، وكل فرد ينتسب إليها، والتهاون في تعميمها واستخدامها هو إيذان بانقراضها وتلاشي هويتنا معها.
فأهمية اللغة لا تكمن فقط في كونها وسيلة تخاطب لكنها عنوان هوية ودليل تواجد.
وهو ما تؤكد عليه دولة الامارات بدءاً من الدستور ومروراً بكافة التعاميم التي تؤكد فيها على اهمية استخدام اللغة العربية الفصحى كلغة رسمية لا ينبغي استبدالها بأي لغة أو لهجة أخرى وإن كانت لهجة أهل البلد أنفسهم، لكن ما نلاحظه وما بتنا نسمعه أن هذه اللغة العربية لم تعد محل استهتار الجيل الجديد من الشباب الذين نلتمس لهم العذر في ضعف اللغة العربية لديهم بسبب تفوقهم في اللغة الانجليزية التي تعلموا بها في المدارس الخاصة وباتت الأسهل عليهم في الاستخدام اليومي مع بعضهم البعض من جانب.
ومع الفئات المساعدة في المنازل والأماكن العامة من جانب آخر، هذه اللغة أصبحت محل استهتار بعض المؤسسات شبه الرسمية والتي يفترض أنها تكون أكثر حرصا على اللغة العربية من غيرها، بل أكثر وسيلة تحث الناس على استخدام اللغة الفصيحة أو الأقرب إليها، ونقصد بذلك الصحف المحلية ووسائل إعلامنا المرئي التي باتت تبالغ في استخدام اللهجات المحلية لدرجة أفقدت اللغة العربية هيبتها بعد أن ابتعد كثيرون عن قوالبها وقواعدها دون اجتهاد في الحفاظ على الاصول فيها.
لا ننكر على الفضائيات حاجتها أحيانا لاستخدام اللهجة المحلية في الإعلانات التجارية لتغطية مشاهد تمثيلية لكن الواجب يفترض تمسك المذيعين والمذيعات باللغة العربية الأقرب إلى الفصحى والابتعاد عن اللهجة العامية قدر الإمكان لأنهم يخاطبون شعوبا في كل العالم قد لا يستوعبون لهجتنا المحلية أولا، ولأن اللغة العربية هي الأوضح.
أما الأمر الذي نتساءل عنه: هل من حاجة تدعو بعض الصحف لنشر إعلانات تجارية لمؤسسات مصرفية وغير مصرفية باللهجة المحلية حتى وإن كانت الدعوة موجهة لمواطني دولة الإمارات؟ ليست هناك حاجة فالإعلانات في الصحف العربية للجميع ويفترض كتابتها بالفصحى لتفهم من قبل الجميع.
اللغة العربية الفصحى تحمل في كل مضامينها ثقافة وهوية لا يجدر بنا التنازل عنها والتفريط فيها، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لأن نحافظ على هويتنا وثقافتنا ولغتنا التي تكاد تحتضر على أيدينا، وبيدنا لا بيد غيرنا. وهو ما يفترض أن تستوعبه مؤسسات يفترض أن تكون أول من يحافظ على هذه اللغة!
ميساء راشد غدير
صحيفة “البيان”
اكتب تعليقك