من الطبيعي أن يواجه ملايين المشتركين في خدمة الهواتف المتحركة، ضغطاً كبيراً على مراكز البيع المنتشرة في “المولات” ومراكز الأعمال التابعة لمؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات) وشركة الاتصالات المتكاملة (دو)، بعد أن هب الجميع دفعة واحدة لتسجيل أرقام هواتفهم، بعد تجاهل دام ثلاثة أشهر لحملة “رقمي.. هويتي”، التي أطلقتها الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات وبدأ العمل في تسجيل الأرقام في 17 يوليو الماضي، وكان من المفترض أن تنتهي المهلة غداً، إلا أن “اتصالات” أرجأت قطع الخدمة عن المتخلفين حتى إشعار آخر.
آلاف المتخلفين عن التسجيل عبر تحديث معلوماتهم وبياناتهم الشخصية في قاعدة بيانات مزودي خدمة الاتصالات في الدولة، والتأكد من أن شريحة الهاتف المتحرك التي يستخدمونها مسجلة بأسمائهم، والذي لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة، ولا يحتاج إلا إلى بطاقة هوية، انشغلوا بإطلاق الإشاعات، وإعداد حملة مضادة لإخافة الناس.
وأن مكالماتهم وأسرارهم ستكون بين يدي سلطات الأمن، وسيفقدون حرياتهم، والكثير من هذا الكلام.. متناسين أن الحملة تهدف في الأساس لحماية خصوصيتهم، بعد أن أثبتت الدراسات سوء استخدام البعض لأرقام ليست بأسمائهم، وتورط أصحابها في قضايا مدنية وجنائية هم براء منها.
توقعنا أن الحملة تؤدي إلى زيادة الوعي لدى الناس، لا أن يكون الإهمال والتجاهل تجاه قضية مهمة تمسهم بالدرجة الأولى هو حالهم، لكن الملاحظ أن هذا هو سلوك الناس مواطنين ومقيمين مع معظم القرارات الرسمية، التي حتماً لا تصدر إلا من أجل المصلحة العامة؛ يسمعون الكلام من اليسرى ويخرجونه من اليمنى ولا التزام، وهيئة الإمارات للهوية وغيرها دليل دامغ على “تطنيش” القرارات، ولا يتقيد الكثيرون بها إلا بعد غرامات قررتها الهيئة على المتخلفين.
وعلى الرغم من أن تسجيل أرقام الهواتف المتحركة لا يكلفهم فلساً ولا وقتاً ولا جهداً، فضلاً عن تسهيل نقل ملكية الشريحة من مالك الرقم الفعلي إلى من يستخدمه، إلا أن عادة الناس في التفاعل مع أي قرار والتجاوب في تنفيذه، أصبح مقروناً بالغرامات المالية، بعد مسلسل رتيب من تجديد المهل ومنح الفرصة تلو الأخرى، حتى يتكرم الواحد منهم بالتقيد في اللحظة الأخيرة والتسبب في إحداث ضغط وارتباك وتأخير.
نأمل في مثل هذه الأحوال ألا تكون هناك استثناءات وتمديد مهل، بل حسم في تطبيق أي قرار رسمي وفي الموعد المحدد.
اكتب تعليقك