حمل التطور المستمر والسريع في وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الكثير من الإيجابيات والفوائد في مختلف جوانب حياتنا الإنسانية، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمعلوماتية وغيرها، خاصة وأن وسائل نقل المعلومات وتبادلها حول العالم، أصبحت أسرع وأسهل وأكثر فعالية من أي وقت مضى. إلاّ أنها تضمنت في الوقت ذاته ثغرات وسلبيات استطاع بعضهم استغلالها والنفاذ منها بشكل غير قانوني لإحداث الضرر والتخريب أو حتى السرقة. وكان من نتائج ذلك أن ظهرت مصطلحات مثل “الجرائم الإلكترونية”، و”جرائم تكنولوجيا المعلومات” و”القرصنة الإلكترونية” و”التجسس الإلكتروني” وغيرها. ووُضعت بالفعل تصنيفات وتشريعات وقوانين تتعامل مع الجرائم الإلكترونية ومنها التهديد، والابتزاز، واختراق حسابات بنكية وأنظمة الشركات، والتجسس على الأشخاص والشركات، والدخول إلى مواقع أمنية محمية، وتخريب مواقع إلكترونية،… إلخ.
في هذا السياق جاء انعقاد المؤتمر الدولي الخامس لمكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي اختتم أعماله مؤخراً في العاصمة الإماراتية أبوظبي، لتأكيد الاهتمام المتزايد والحرص الذي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة لتحقيق الأمن الإلكتروني؛ خاصة في ظل ما تشهده الإمارات من تطور سريع في المجالات كافة الاقتصادية والتجارية والإدارية والتعليمية والصحية، اعتماداً على أحدث تكنولوجيا ووسائل الاتصال في العالم. وقد حققت الإمارات بالفعل ما يشهد لها بأنها قد قطعت شوطاً طويلاً في هذا المجال، كان آخرها الفوز باستضافة دبي لمعرض إكسبو الدولي 2020.
وكما اتضح من خلال جلسات المؤتمر، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت من أولى الدول التي سارعت إلى وضع الأطر التشريعية للتعامل مع الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها، من خلال إصدارها القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2006 الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، واستبداله بقانون أكثر تطوراً في عام 2012. مع التطوير المستمر والدائم في عمل الشرطة المتخصصة في مجال الوقاية ومكافحة الجرائم التقنية، وهو ما أسهم بفاعلية في مواجهة هذه الجرائم. يأتي ذلك في وقت تشير فيه الدراسات إلى أن الجرائم الإلكترونية باتت تتصدر مؤشر الجرائم المستحدثة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن معدلاتها ترتفع بمعدل سنوي؛ نظراً إلى زيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة في أغلبية المعاملات، وخاصة المالية والتجارية.
ويشير تعدد وتنوع الجهات الإماراتية التي نظمت المؤتمر والمتمثلة في وزارة الداخلية، ومعهد التدريب والدراسات القضائية، بالتعاون والتنسيق مع وزارة العدل، والهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، والهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، إلى أهمية تكامل الجهود بين الجهات المعنية لوضع استراتيجية متكاملة لمواجهة جرائم تقنية المعلومات، وترجمة توصيات المؤتمر إلى نتائج ملموسة؛ لتحقيق أفضل وسائل الأمن الإلكتروني في الإمارات.
ومع تعدد الجهات المعنية بقضية الجرائم الإلكترونية، فإن وزارة الداخلية، بقيادة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية لها دورها المتميز والأساسي في التصدي لهذه الجرائم من خلال التركيز على الجانب الوقائي في مكافحتها، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلامة العامة بين المواطنين والمقيمين تجسيداً لرؤية الإمارات 2021، والمنسجمة مع رؤية حكومة أبوظبي 2030 الهادفة إلى تطبيق مفاهيم الحكومة الإلكترونية.
إضافة إلى ما سبق، فقد جاء انعقاد أعمال المؤتمر الدولي الخامس لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، متزامناً مع المعرض الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر “آيسنار أبوظبي 2014″، الذي شاركت فيه شركات وطنية وعالمية، متخصصة في مجال صناعة المعدات والأجهزة الأمنية، وأجهزة السلامة والأمن ودرء المخاطر؛ ليتحقق بذلك تكامل الأمن بأشكاله ومستوياته كافة.
اكتب تعليقك