قد يكون مصطلح “المقارنات المعيارية” أو (Benchmarking) جديداً لدى البعض، لكنه مألوف للعاملين في القطاع الحكومي، خصوصاً في الدوائر التي تنطبق عليها جوائز التميز. والمقارنات المعيارية هي أحد أساليب التعلم وتحسين الجودة وتهدف للتعلم من الآخرين، سواء تجاربهم الناجحة أو غير الناجحة.
وهناك أنواع عدة للمقارنات المعيارية، منها الرسمي وغير الرسمي، ويتوقف ذلك على مدى الترتيب المسبق والمصاحب لعملية المقارنة. ففي غير الرسمي ليست هناك حاجة إلى ترتيبات مسبقة، وجميعنا نقوم بتلك المقارنات عندما تعجبنا ممارسة أو تصرف من شخص أو مؤسسة فنقوم بتبني هذه الممارسة، وقد نتبناها كما هي أو جزءاً منها، أو نقوم بتطويرها لتتناسب معنا. أما في المقارنات الرسمية فيتم التنسيق المسبق مع الطرف الآخر.
ويمكن تقسيم المقارنات إلى مقارنات تتعلق “بالعمليات” وأخرى تتعلق “بمؤشرات الأداء”، وفي النوع الأول تتم مقارنة عملية لدى الجهة المنفذة مع الجهة الأخرى المتميزة في تنفيذ تلك العملية، ومن أنجح الأمثلة في هذا المجال المقارنات التي عقدها أحد مستشفيات الأطفال في لندن مع مصنع سيارات فيراري، حيث تمت مقارنة عملية نقل الأطفال من غرفة العمليات للعنبر الخاص بهم مع عملية تغيير إطارات السيارة أثناء السباق، وساعد ذلك المستشفى على خفض حالات الوفاة وتحسين المخرجات بنسبة 70%.
وقد نفذت شخصياً مقارنات بين أحد البنوك الوطنية ومجموعة فنادق كان لها أبلغ الأثر في تحسين الأداء. أما مقارنات مؤشرات الأداء فتتم بغرض معرفة موقع الجهة المنفذة من المؤشرات الدولية أو المحلية، لكن في المجال نفسه.
وتتلخص عوامل نجاح المقارنات في تسع نقاط، أولها: التزام ودعم الإدارة العليا، وثانياً: أن نكون مهيئين ومتواضعين بالقدر الكافي للاستماع والتعلم، وثالثاً: أن يتم إعداد خطة العمل فور الانتهاء من تنفيذ المقارنات والبدء في التنفيذ، ورابعاً: اختيار الشريك المناسب، وخامساً: انتقاء وتدريب فريق العمل المناسب، وسادساً: أن تتم دراسة العمليات وفهمها جيداً قبل البدء في المقارنة حتى تكتمل الفائدة، وسابعاً: عدم التركيز على الجانب الورقي والإعلامي فقط، وثامناً: متابعة ومراقبة تنفيذ خطة العمل باستمرار، وأخيراً استمرار القيام بعملية المقارنات بصفة دورية.
اكتب تعليقك