لا شك أنّ قرار مجلس الوزراء الذي صدر مؤخراً بإنشاء قاعدة بيانات وطنية موحدة لجميع السجلات الطبية للمرضى، عبر الربط الإلكتروني بين المستشفيات التابعة لوزارة الصحة وهيئتي الصحة بإمارتي أبوظبي ودبي، بقطاعيها الحكومي والخاص وهيئة الإمارات للهوية، من خلال تفعيل استخدامات بطاقة الهوية في توفير الخدمات الحكومية، واعتماد رقم الهوية كرقم موحد للمرضى في إعادة البيانات المستحدثة، يخدم التوجه الحكومي نحو تعزيز العلاقات المشتركة بين مؤسسات الدولة.
وينسجم هذا القرار مع المساعي الإماراتية لتأسيس نظام وطني للرعاية الصحية تتوافر فيه جميع المعايير العالمية، بحسب رؤية الإمارات 2021، من أجل تعزيز المكانة التنافسية للدولة في مجال الرعاية الصحية، والارتقاء بمرتبتها في التصنيف الدولي، وفق مؤشرات أداء النظم الصحية الخاصة بـ”منظمة الصحة العالمية”، الذي تأتي فيه الإمارات الآن في المرتبة السابعة والعشرين عالمياً.
كما يُعدّ القرار الذي جاء بالتزامن مع إعلان إنجاز الحكومة الوطنية التحول الذكي للخدمات الحكومية بنسبة 96,3%، بواقع 331 خدمة من أهم الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور بشكل يومي، خطوة في إطار المضي قدماً نحو تحقيق تطلعات دولة الإمارات العربية المتحدة في شأن مواكبة التحولات العالمية، بالاعتماد على التقنيات والتطبيقات الذكية، لتحسين جودة حياة الإنسان.
وينتظر أن يسهم القرار الذي سيؤسس قاعدة من المعلومات الطبية، في تحسين الخدمة الصحية المقدمة للمريض، إذ أنها ستوفر فرص تلقيه العلاج المناسب، من خلال إتاحة المجال للتعرف إلى تاريخه وتاريخ عائلته المرضيين.
وتتسع أهمية هذا الأمر أيضاً إلى أنه يوفر قاعدة بيانات وطنية عن الأمراض الوراثية والمستوطنة، وهذا الأمر يسهل مهام الجهات المعنية في الدولة، في القيام بالدراسات والأبحاث العلمية حول هذه الأمراض، وتمكينها من تبني السياسات والبرامج الوقائية والعلاجية للمشكلات الصحية للأمراض السائدة في المجتمع المحلي، واتخاذ الآليات والاستراتيجيات المناسبة لتطوير أداء المؤسسات الطبية بوجه عام.
كما أن من شأن النظام الجديد أن يخفض التكاليف العلاجية على المستويين الفردي والرسمي، من جوانب عدة، كخفض معدلات الفحوصات الطبية، وتقليص نفقاتها، وتوجيه ما يتم توفيره لأغراض البحث والتطوير في القطاع الصحي.
إن تطوير أداء القطاع الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة، من شأنه تحسين مكانتها على الخريطة العالمية للوجهات السياحية العلاجية، التي يعززها أيضاً ما تمتلكه من مقومات: في مقدمتها الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع الصحي، والبنية التحتية القوية للقطاع، والمشاريع الطبية ذات الأهمية النوعية، مثل مستشفى “كليفلاند كلينك أبوظبي”، بالإضافة إلى التشريعات الطبية العديدة التي تتبناها الدولة، وسعيها لتحسين معايير ممارسة الأنشطة الطبية، كإطلاقها مبادرة “البورد الإماراتي”، وقرارها باعتماد مبادرة “الرعاية الصحية المتنقلة”، لتوفير الخدمات الصحية لمن يتعذر عليهم الوصول لهذه الخدمات، ككبار السن والقاطنين في المناطق النائية، تنفيذاً للاستراتيجية الإماراتية الرامية إلى ضمان أحقية كل فرد في المجتمع الإماراتي في الحصول على الخدمات الطبية الأساسية الشاملة، وتحقيق الفرصة المتساوية للحصول على خدمات علاجية راقية، وفق أفضل المستويات العالمية، ومراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولاسيما فئتي كبار السن والمعاقين، وهي الفئات الأكثر احتياجاً لإيجاد آليات متابعة لأوضاعهم الصحية.
هذه الجهود الحثيثة ليست إلا جزءاً من منظور تنموي شامل، تتبناه دولة الإمارات العربية المتحدة، يسعى لجعل المستوى المعيشي في المجتمع الإماراتي أحد أكثر مستويات المعيشة تقدماً وتطوراً على مستوى العالم، وذلك في مختلف مناحي الحياة، وليس في المجال الصحي فحسب.
اكتب تعليقك