في تقرير حديث لشركة “فيزا” العالمية المتخصصة في حلول الدفع الإلكتروني، بشأن سوق التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بين دول المجلس، مستحوذة على نحو 60 في المئة من إجمالي حجم السوق، التي بلغت قيمتها نحو 3.3 مليار دولار في نهاية عام 2011، وأوضح التقرير كذلك أن نحو 42 في المئة من سكان الدولة يستخدمون حلول التجارة الإلكترونية. وتشير بعض البيانات الصادرة عن “مركز دراسات الاقتصاد الرقمي” (مدار) أن أنشطة التجارة الإلكترونية في الإمارات تنمو بمعدل سنوي يبلغ 15 في المئة، في وقت تنمو فيه هذه الأنشطة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدل لا يتجاوز 10 في المئة سنوياً، وفقاً لشركة “كاش يو” المتخصصة في خدمات الدفع الآمن عبر الإنترنت.
تحمل هذه الإحصاءات دلالات مهمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، في مرحلة تزداد فيها أهمية التجارة الإلكترونية، التي باتت على قدر كبير من النفع، وأداة فعالة يمكن استخدامها من قبل مؤسسات الأعمال من أجل الوصول إلى أسواق جديدة، وتنفيذ حملات ترويجية لاجتذاب عملاء جدد، والتفاعل السريع مع تطلعات وأذواق المستهلكين بشكل منتظم، هذا بخلاف ما توفره حلول التجارة الإلكترونية من إمكانية للتوسع في حجم الأنشطة دون الحاجة إلى تحمل المزيد من التكاليف التشغيلية، وفوق هذا وذاك، فالاعتماد على هذه الحلول يقلص من فرص حدوث الأخطاء البشرية.
بشكل عام يمكن القول إن التفوق الإقليمي لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التجارة الإلكترونية يعود إلى عدة عوامل مهمة، وهي: أولاً، البيئة المواتية والآمنة التي توفرها الدولة لممارسة أنشطة التجارة الإلكترونية، بداية من البنية التكنولوجية المتطورة والآمنة مروراً بالتشريعات المُحكَمة والمرنة، وصولاً إلى نشر استخدام التطبيقات التكنولوجية بين مختلف مكونات المجتمع، وهو ما جعل التجارة الإلكترونية حلقة آمنة يمكن الاعتماد عليها لتسوية التعاملات بين الشركات المنتجة للسلعة أو الخدمة أو المروجة لها من ناحية، وبين العملاء من ناحية أخرى. ثانياً، وعي أفراد المجتمع بأهمية التجارة الإلكترونية، كإحدى أدوات العصر الحديث التي لا يمكن الاستغناء عنها، وإقبالهم على استخدامها كوسيلة للتسوق وتأمين الاحتياجات، وثقتهم الكبيرة بها كبديل آمن يمكن الاعتماد عليه من دون التعرض لمخاطر سرقة المعلومات الإلكترونية أو الغش التجاري.
ثالثاً، الأهمية الكبيرة التي يحتلها قطاع تجارة التجزئة كأحد الأنشطة الحيوية وأحد مصادر الدخل المهمة في الاقتصاد الوطني، واهتمام الدولة بسياحة التسوق كبديل لاجتذاب السائحين إليها، وهو ما وسَّع من هامش الحركة المتاح أمام الشركات العاملة في قطاع التجارة والسياحة في الدولة، ودفعها إلى الاستثمار في إتاحة خدماتها إلكترونياً، وقبول بدائل الدفع الإلكترونية كبديل عن الدفع التقليدي لتسوية تعاملاتها مع العملاء. رابعاً، اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بقطاع التجارة، وموقعها الجغرافي المميز، وتمكنها من القيام بدور المركز التجاري والمالي على المستوى الإقليمي، مما ساعدها على اجتذاب عدد كبير من الشركات العالمية الكبرى التي تعتمد بكثافة على حلول التجارة الإلكترونية في إنجاز أعمالها، سواءً لترويج وبيع منتجاتها في السوق الإماراتية أو الأسواق الإقليمية، أو للاتصال بفروعها حول العالم.
اكتب تعليقك